ويؤيّد هذا الوجه تشفيع حكم القتل بحكم الإحياء ، فظاهر السياق أنّ بيانه لغير تطفّل.
ويؤيده أيضا ما في ذيل الآية من قوله : (وَلَقَدْ جاءَتْهُمْ رُسُلُنا بِالْبَيِّناتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ بَعْدَ ذلِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ).
فإنّ ذلك وخاصة الجملة الاولى إنّما يلائم التشديد.
ويؤيّده أيضا خصوصية سنخ التشبيه الواقع فيها أنّه : (مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّما قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً) ، وهو تشبيه الوصف المتعلّق بالفرد الواحد بالوصف المتعلّق بجميع الأفراد.
بيان ذلك : إنّ التشبيه ، وهو بيان اتحاد شيء مع آخر في وصف أو بيان ربط شيء مع آخر ربط الإتحاد في وصف ، كقولنا : زيد كالأسد ، إنما يدخل في صفّ المزايا الكلامية إذا كان في الوصف ، أعني وجه الشبه أقوى في المشبّه به منه في المشبّه حقيقة ، أو ادّعاء حتى يفيد التوسل إلى ذكر المشبّه به وتقدير حال المشبّه ، فحال المشبّه به ، تقوية وتأكيدا في التلبس ، وإلّا كان لغوا زائدا في الكلام فلولا أنّ قولنا : زيد كالأسد يفيد أزيد مما يفيده قولنا : زيد شجاع ، وهو أنّ ما فيه من الشجاعة هي التي في الأسد ، وهو الشاخص فيها الباسل بها ؛ كان وزانه وزان اصل الكلام الساذج أعني قولنا : زيد شجاع ، فكان الخروج من ذلك إلى أمر زائد ، وهو التوسّل بذكر الأسد لغوا لا ينزّل عليه البليغ من الكلام.
هذا ؛ والتشبيه إذا وقع بين أفراد النوع صحّ هذا الحكم في تشبيه فرد معين بآخر مثله ، كقولنا : زيد كالحاتم أو بعدة مثله ، كقوله : (إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ) (١)
__________________
(١). الكهف (١٨) : ١١٠.