ذلك إنسان مادّي ، فما له من الكمال غير ذاتيّ ، بمعنى أنّه غير حاصل له في أوّل وجوده إلّا بالتدريج ، بخلاف الملائكة وخاصّة المقرّبين منهم ، فكمالهم ذاتيّ موجود في أصل وجودهم ، وسيجيء إن شاء الله بيان حقيقته فيما سيجيء. فتوهّم الاستنكاف والاستكبار فيهم أقرب من توهّمه على موجود بشريّ وإن كان أرفع قدرا من جهة اخرى منهم ، وهذا هو الوجه في الترقّي المستفاد من قوله : (لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْداً لِلَّهِ وَلَا الْمَلائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ).
قوله سبحانه : (وَأَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ نُوراً مُبِيناً)
في المجمع عن الصادق ـ عليهالسلام ـ : «والنور ولاية عليّ ـ عليهالسلام ـ» (١).
وفي تفسير العيّاشي عنه ـ عليهالسلام ـ : «البرهان محمّد ، والنور عليّ ، والصراط المستقيم عليّ ـ عليهالسلام ـ» (٢).
أقول : وقد مرّ الكلام في معنى (الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ) (٣) والولاية في سورة الفاتحة ، وسيجيء تمام الكلام في المائدة.
قوله سبحانه : (يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ)
روي أنّ جابر بن عبد الله كان مريضا فعاده رسول الله ـ صلىاللهعليهوآله ـ فقال : يا رسول الله ، إنّ لي الكلالة فما أصنع في مالي؟ فنزلت (٤).
__________________
(١). مجمع البيان ٣ : ٢٥٢.
(٢). تفسير العيّاشي ١ : ٢٨٥ ، الحديث : ٣٠٨.
(٣). الفاتحة (١) : ٦.
(٤). مجمع البيان ٣ : ٢٨.