تعليق على الآية
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ) إلخ
والآية التالية لها. وما فيهما من تلقين وما ورد في صددهما من أحاديث
روى المفسرون في سياق هذه الآيات أن وفدا من نصارى الحبشة وفد على النبي صلىاللهعليهوسلم فأسلموا. ورأوا ما عليه المسلمون من خصاصة فاستأذنوا النبي بأن يحضروا شيئا من أموالهم ويعطوها للمحتاجين فأذن لهم فذهبوا وأحضروها ووزعوها فأنزل الله آيات سورة القصص [٥٢ ـ ٥٥] هذه (الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ (٥٢) وَإِذا يُتْلى عَلَيْهِمْ قالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنا إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ (٥٣) أُولئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِما صَبَرُوا وَيَدْرَؤُنَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ (٥٤) وَإِذا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقالُوا لَنا أَعْمالُنا وَلَكُمْ أَعْمالُكُمْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ لا نَبْتَغِي الْجاهِلِينَ (٥٥)). فصاروا يفخرون على المسلمين من العرب ويقولون لهم أجرنا مضاعف ، لأننا آمنا بكتابكم وكتابنا من قبله فأنزل الله الآية الأولى من الآيتين اللتين نحن في صددهما فحسد المسلمون الحبشة المسلمين العرب فأنزل الله الآية الثانية.
والرواية لم ترد في الصحاح. ولقد روي أن آيات القصص المذكورة مدنيّة. ولعل ذلك متصل بهذه الرواية. ولقد توقفنا في سياق تفسير آيات القصص في رواية مدنيتها ونبهنا على ما تبادر لنا من دلائل على مكّيتها بما يغني عن التكرار. ونزيد هنا فنقول إن فحوى الآيتين لا يمكن أن ينطبق على ما جاء في الرواية من حيث إن الرواية تقتضي أن تكون الآية الأولى ردا على فخر من بعض أهل الكتاب الذين آمنوا بالرسالة المحمدية بسبب آيات مدنيّة وضعت في سورة مكيّة. ثم وضع الردّ في سورة مدنيّة. وأن يكون أهل الكتاب الذين آمنوا قد حسدوا المسلمين العرب فأنزل الله آية فيها ردّ عليهم مع أن فحوى الآية لا يمكن أن تفيد أنها عنت جماعة مؤمنين بالرسالة المحمدية ...