بجملة : (فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ). والحديث النبوي لم يرد في الصحاح. والمتبادر أن التأويل الأخير هو الأوجه المتسق مع طبائع الأشياء. وقد روى المفسر القاسمي في محاسن التأويل للإمام ابن تيمية تفنيدا سديدا للتأويلات الأولى جاء فيه فيما جاء أن ما يروى عن النبي صلىاللهعليهوسلم وما يروى عن ابن عباس من إنزال الأدوات الحديدية على آدم ونوح كذب. وأن الناس يشهدون بعضهم وهم يصنعون بأيديهم هذه الأدوات من حديد المعادن الذي يعثرون عليه في الأرض والجبال. وأن تلك الأقوال مكابرة للعيان.
(وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً وَإِبْراهِيمَ وَجَعَلْنا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَالْكِتابَ فَمِنْهُمْ مُهْتَدٍ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فاسِقُونَ (٢٦) ثُمَّ قَفَّيْنا عَلى آثارِهِمْ بِرُسُلِنا وَقَفَّيْنا بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَآتَيْناهُ الْإِنْجِيلَ وَجَعَلْنا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً وَرَهْبانِيَّةً ابْتَدَعُوها ما كَتَبْناها عَلَيْهِمْ إِلاَّ ابْتِغاءَ رِضْوانِ اللهِ فَما رَعَوْها حَقَّ رِعايَتِها فَآتَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فاسِقُونَ (٢٧)) [٢٦ ـ ٢٧].
تعليق على الآية
(وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً وَإِبْراهِيمَ وَجَعَلْنا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَالْكِتابَ ...)
والآية التالية لها. وما فيهما من صور وتلقين وأهداف وتنويه بأخلاق
النصارى عامة وما ورد في رهبانية النصارى والإسلام من أحاديث
لم نطلع على رواية خاصة في سبب نزول الآيتين. والمتبادر أنهما جاءتا معقبتين على الآية السابقة لهما تعقيبا بيانيّا تضمن تقرير كون الله ـ جريا على ما اقتضته حكمته من إرسال الرسل لهداية الناس وتوطيد الحق والعدل بينهم ـ قد أرسل نوحا وإبراهيم. وجعل في ذريتهما النبوّة والكتاب. فاهتدى من اهتدى منهم وفسق عن أمر الله وانحراف عن جادة الحق كثيرون. ثم أرسل على آثارهم ونهجهم من بعدهم رسلا كثيرين. ثم أرسل عيسى ابن مريم وآتاه الإنجيل. وجعل في قلوب