عزوجل يمضيها ويقدّرها
بقدرته فيها والسلطان عليها ، توكل بحفظ ماضيها وتمام باقيها ، فلا مقدم لما أخر
منها ولا مؤخر لما قدم ، استأثر بالبقاء وخلق خلقه للفناء ، أسكنهم دنيا سريع
زوالها قليل بقاؤها ، وجعل لهم مرجعاً إلى دار لا زوال لها ولآ فناء. وكتب الموت
على جميع خلقه ، وجعلهم اُسوة فيه ، عدلاً منه عليهم عزيزاً وقدرة منه عليهم ، لا
مدفع لأحد منه ولا محيص له عنه ، حتى يجمع الله تبارك وتعالى بذلك إلى دار البقاء
خلقه ، ويرث به أرضه ومن عليها ، وإليه يرجعون.
بلغنا ـ أطال الله بقاءك ـ ما كان من
قضاء الله الغالب في وفاة أمير المؤمنين موسى صلوات الله عليه ورحمته ومغفرته
ورضوانه ، وإنا لله وإنا إليه راجعون ، إعظاماً لمصيبته وإجلالا لرزئه وفقده ، ثم إنا لله وإنا إليه راجعون ،
صبراً لأمر الله عزوجل وتسليماً لقضائه ، ثم إنا لله وإنا إليه راجعون لشدة مصيبتك
علينا خاصة ، وبلوغها من حر قلوبنا ونشوز أنفسنا.
نسأل الله أن يصلي على أمير المؤمنين
وأن يرحمه ، ويلحقه بنبيه صلىاللهعليهوآلهوسلم
وبصالح سلفه ، وأن يجعل ما نقله إليه خيراً مما أخرجه منه ، ونسأل الله أن يعظّم
أجرك ـ أمتع الله بك ـ وأن يحسن عقباك ، وأن يعوضك من المصيبة بأمير المؤمنين
صلوات الله عليه أفضل ما وعد الصابرين من صلواته ورحمته وهداه.
ونسأل الله أن يربط على قلبك ، ويحسن
عزاءك وسلوتك ، والخلف عليك ، ولايريك بعده مكروهاً في نفسك ولا في شيء من نعمته
عليك.
وأسأل الله أن يهنيك خلافة أمير المؤمنين
أمتع الله به وأطال بقاءه ومد في عمره وانسأ في أجله ، وأن يسوغكما بأتم النعمة
وافضل الكرامة ، وأطول العمر ،
__________________