وبهذه الصفة ينهاهم ان يقولوا للنبي ص وآله (راعِنا) وان يقولوا (انْظُرْنا) ويأمرهم بالسمع والطاعة ، ويحذرهم من العصيان فيوردهم الى النيران.
ثم يكشف لهم عما تكنه لهم صدور اهل الكتاب من الشر والعداء ، بسبب ما اختصهم الله تعالى به من الفضل والرحمة ، ويجمع القرآن المجيد بين أهل الكتاب وعبدة الاصنام وكلاهما كافر بالرسالة الخاتمة لرسل السماء ، والجميع يضمر للمؤمنين الحقد والضغن ، وقد سبق أن ذكرنا مثل ذلك فيما سبق. (وَاللهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشاءُ ـ وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ). وليس هناك نعمة أعظم من نعمة النبوة والرسالة ، والايمان والدعوة بهما واليهما.
فالتعديل الجزئي وفق مقتضيات الاحوال ـ في فترة الرسالة ـ هو لصالح البشرية ولتحقيق خير أكبر تقتضيه أطوار حياتها ، والله خالق الناس ، وهو مرسل الرسل ومنزل الآيات ، وهو يقدر الصالح والنفع والخير للبشرية ، فاذا نسخ آية ـ سواء كانت آية مقروءة ، أو علامة خارقة لمناسبة حاضرة ـ فانه يأتي بخير منها أو مثلها ، ولا يعجزه شيء وهو صاحب الامر واليه الرجوع.
والخطاب هنا للمؤمن يحمل رائحة التحذير. ورائحة التذكير ، بان الله هو وليهم وناصرهم وليس لهم من دونه من ولي ولا نصير. (أم تريد ان تسألوا ... كما سأل اليهود نبيهم فلعنهم وأخزاهم).
فهو استنكار لتشبه بعض المؤمنين بقوم موسى (ع) ، وهو تحذير لهم من نهاية هذا الطريق وهي الضلال البعيد ، واستبدال الكفر بالايمان وهي النهاية التي انتهى اليها بنو اسرائيل حسدا من أنفسهم ، والحسد هو ذلك الانفعال الاسود الخسيس الذي فاضت به نفوس بني اسرائيل تجاه الاسلام والمسلمين والمؤمنين والصالحين.