عن الدعوة المعاندين الذين لا تتفتح قلوبهم لدلائل الهدى وموحيات الايمان ، انما يجب أن يفرغ قلبه ، وان يوجه امله وعمله للذين سمعوا واستجابوا ، فهؤلاء في حاجة الى بناء كيانهم كله على القاعدة التي دخلوا في الدين عليها ، وفي حاجة لانشاء تصور لهم كاملا عميقا عن الوجود والحياة على أساس هذه العقيدة ، وفي حاجة الى بناء اخلاقهم وسلوكهم وبناء مجتمعهم الصغير على هذا الاساس نفسه ، وهذا كله يحتاج الى الجهد ويستحق الجهد. وحين ينمو الحق في ذات الانسان فان الله يجري ، سننه ، فيقذف بالحق على الباطل فيدفعه فاذا هو زاهق. ان على الحق أن يوجد ومتى وجد الحق في صورته الصادقة فان الباطل يزول :
(وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ فَيَسُبُّوا اللهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ)
ان الشيطان والعادة اذا استحكمت بالانسان تقلب مفاهيمه رأسا على عقب. فقد يكون الانسان ينتحل أبشع صورة من الافعال والاعتقادات ويعتاد عليها ويتعصب لها حتى يصبح يراها بنظره انها من أحسن العقائد والاعمال فمن يتعرض لها بسوء يصبح بنظره يستحق القصاص والاعدام ، وهذا ما عليه أرباب العقائد الباطلة مع ما يرون ويسمعون ويحسون في غيرهم من عقائد صحيحة شريفة ، حتى انه يوجد فئات تعبد الشيطان وتغضب على من يسبه أو يلعنه. والاخبار عن عبدة الاحجار والالتجاء اليها والتضرع لها كثيرة مؤكدة بلا خلاف (ثُمَّ إِلى رَبِّهِمْ مَرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ). وهو أدب يليق بالمؤمنين المطمئنين في صحة ايمانهم ، الواثقين من الحق الذي هم عليه الهادي القلب والضمير.