الخط عن نقطة الابتداء. وهؤلاء قوم ابراهيم (ع) يعبدون اصناما وكواكب والقمر والشمس وما اشبه ذلك افلا يتفكرون ان تلك الحجة الهائلة التي القاها ابراهيم عليهم هي كافية اردعهم عن جميع ذلك لو كانوا يعقلون. ولذا ترى بعد ذلك حطم اصنامهم وسألوه عمن حطمها فارجعهم الى كبيرهم فلما لم يجبهم لام بعضهم بعضا على عبادة تلك الاصنام التي لا تقدر ان تدافع عن نفسها فضلا عن غيرها. بل لا تعرف من حطمها وابادها ولكن الاهواء والاغراض للاكابر ردتهم على اعقابهم وثاروا لأخذ النار فأشعلوا النار كما ذكر ذلك فيما يأتي ان شاء الله تعالى في محله في سورة الانبياء آية (٥٨) :
(قالُوا مَنْ فَعَلَ هذا بِآلِهَتِنا إِنَّهُ لَمِنَ الظَّالِمِينَ قالُوا سَمِعْنا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقالُ لَهُ إِبْراهِيمُ. قالُوا فَأْتُوا بِهِ عَلى أَعْيُنِ النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَشْهَدُونَ. قالُوا أَأَنْتَ فَعَلْتَ هذا بِآلِهَتِنا يا إِبْراهِيمُ. قالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هذا فَسْئَلُوهُمْ إِنْ كانُوا يَنْطِقُونَ. قالَ أَفَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَنْفَعُكُمْ شَيْئاً وَلا يَضُرُّكُمْ. أُفٍّ لَكُمْ وَلِما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ أَفَلا تَعْقِلُونَ. قالُوا حَرِّقُوهُ وَانْصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ فاعِلِينَ .. وَأَرادُوا بِهِ كَيْداً فَجَعَلْناهُمُ الْأَخْسَرِينَ.)
فليست القضية قضية اصنام وأحجار ولكن قضية غايات واهواء. اخترعها الاكابر لتضليل العوام والجهال. ولينالوا بذلك ما يرغبون من هذه الحياة من جاه وملذات.
(وَكَيْفَ أَخافُ ما أَشْرَكْتُمْ وَلا تَخافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللهِ ما لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطاناً) انه منطق المتقين الواثق المدرك للحقائق. انه ان كان أحد معرضا للخوف فليس هو ابراهيم ـ الذي يعبد ربا قويا لا يفهر ولا يغلب ـ انما اولى بالخوف من يعبد مخلوقا لا يملك لنفسه ضرا ولا نفعا فضلا عن ان يدفع عن غيره هذا هو المستحق للخوف والتوبيخ.