تقدم ذكر الرهبان وكانوا قد حرموا على أنفسهم الطيبات فنهى الله المؤمنين عن ذلك :
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (٩٠) إِنَّما يُرِيدُ الشَّيْطانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ (٩١) وَأَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّما عَلى رَسُولِنَا الْبَلاغُ الْمُبِينُ (٩٢) لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جُناحٌ فِيما طَعِمُوا إِذا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَآمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا وَاللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (٩٣))
ـ البيان : لقد كانت الخمر والميسر والانصاب والازلام من معالم الحياة الجاهلية. ومن التقاليد المتغلغلة في المجتمع الجاهلي. وكانت كلها حزمة واحدة ذات ارتباط عميق في مزاولتها وفي كونها من سمات ذلك المجتمع وتقاليده. وكانوا يشربون الخمور بكثرة ويتفاخرون بشربها. وكان يلازم مجالس الشراب نحر الذبائح وتقديمها لشاربها. وكانت تنحر على الانصاب وهي الاصنام. وكانت الميسر ملازمة لذلك كله. وهي قداح يستقسمون بها. فقد يكون نصيب البعض بعض ذبيحة وقد يكون كامل الذبيحة.
ولم يكافح الاسلام هذه الامور من اول غرسته. انما بدأ الاسلام من عقدة النفس البشرية. عقدة العقيدة. وحين عرفوا بأن لهم آلها واحدا عظيما اذا قال للشيء كن فيكون.
وحين عرفوا اله الحق بدأت نفوسهم تستمع الى ما يحبه الله منهم وما يكرهه.
لقد كانت هذه هي المرحلة الثالثة في علاج مشكلة الخمر في المنهج الاسلامي وهي الحاسمة والاخيرة ، وقد تهيأت النفوس لها تهيؤا