ـ هذا الانسان ـ بطبيعته الاولية وصفاته الذاتية ـ منذ ان كان يسكن في الكهوف والغارات ويقتات لحوم الحيوانات النيئة .. في العصر الحجري .. الى عصر الفضاء والصواريخ.
منذ الطفولة الى عهد الشيخوخة.
في كل العهود وكل العصور (وَالْعَصْرِ) وفي كل المراحل والادوار الاجتماعية كان الانسان ولا يزال في خسر.
لماذا؟
ـ لانه مقابل هذا الزمن الذي يصرفه وهذا العمر الذي يستهلكه لم يحصل شيئا.
صحيح انه امتلك الثروات والقدرات المادية ، وحصل على الصناعات والاختراعات ، لكنه في النتيجة تحول الى عبد لها وأصبح أسيرا استعبدته الالة ، وأصبحت ـ المادة ـ معبودة له ، فالمادة والقيم المادية تحكمه بدل أن يحكمها ، وتقوده معصب العينين بدل أن يملك زمامها بيده.
فالانسان أكثر مما ربح المادة والآلة خسر نفسه وانسانيته.
(وَالْعَصْرِ إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ).
قسما بالعصر ، قسما بالزمن ، وبعمر الانسان ، ان الانسان ليخسر عمره ويستهلك الزمن دون أن ينتج.
يقولون : فلان عمر ٦٠ سنة.
وفي الواقع لم يعمر وانما هدم ٦٠ سنة من عمره واستنفذها واستهلكها بدل أن يعمرها ويستثمرها لانه يستهلك من رأس المال ..
«يا بن آدم لا زلت في هدم عمرك منذ سقطت من بطن امك فخذ مما في يدك لما بين يديك فان المؤمن يتزود والكافر يتمتع» ـ كما قال الامام الحسن بن علي عليهماالسلام ـ.