الذي به يكتشف تلك الروابط والعلاقات الطبيعية بين الاجسام المختلفة ، ويستنتج منها القوانين العامة.
كذلك القرآن مثل كتاب الكون والطبيعة تماما ـ كيف لا وخالقهما واحد ومصدر القوانين التكوينية والتشريعية هو الله تعالى ـ
فالقرآن يحتوي على قوانين كما يحتوي الكون والطبيعة على آيات .. ولابد من اكتشاف تلك القوانين من خلال الربط والتنسيق ما بين الظواهر القرآنيت المختلفة ، فمن أوتى هذه القدرة وهذا الحس الشفاف فقد اوتى خيرا كثيرا ، وهو الحكمة :
يؤتي الحكمة من يشاء ، ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا.
فمثلا :
نجد في سورة النازعات وهي مكية ، ان هناك روابط عميقة وأواصر أكيدة بين كل آية واخرى ، من خلال تأمل الآيات الاولى من السورة ، ثم تعرجها الى قصة موسى وفرعون ، وذكرها بهذا الاسلوب الأخاذ .. والذي نأتي على ملامحها المثيرة ... ثم التعقيب عليها بعرض القدرة الالهية في خلق الطبيعة ، وابداع هذا النظام الكوني الرائع ..
وبهذه العبارات المضغوطة .. والسريعة .. والانتهاء بالحديث عن يوم القيامة باسلوب مجلجل ورهيب وكلمات قوية تزلزل النفوس وتوجل القلوب ..
ووجه اختيارنا لهذه السورة المكية لاكتشاف الروابط الموضوعية بين الآيات انما هو لسببين :
١ ـ لانها متقاربة التقاطيع والجمل ، وآياتها قصيرة ، يمكن فهم الرابط بينهما بسرعة ..
٢ ـ لانها تعالج موضوعا خطيرا جدا يرتبط باثبات يوم الحشر والقيامة والاستدلال عليه بأدلة قاطعة ووجدانية .. فهذا الموضوع يشكل سلسلة الذهب في هذا العقد الثمين .. فانه وان تعرضت السورة لعدة