ثم بعد ذلك تصور له نتيجة غروره وكبرياءه وانحرافه ، يوم يتحسر ويندم ندما شديدا ، ويسمع همسات الحوار بينه وبين نفسه او بينه وبين رفاقه في الشقاء والعذاب ..
(يا وَيْلَنا هذا يَوْمُ الدِّينِ ، هذا يَوْمُ الْفَصْلِ).
(فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَساءَلُونَ).
وهكذا تلسعهم سياط التوبيخ والتلاوم وتحرقهم نار الشماتة والغيظ وهم في نار جهنم.
(فَأَغْوَيْناكُمْ إِنَّا كُنَّا غاوِينَ)
وبهذا التصوير القرآني البديع تحاول الآيات أن تؤثر في النفس ، وتهيئها لقبول الحق والخضوع لله وتطبيق نهجه في الحياة.
فتقوم أولا بحرق جذور الغرور والكبرياء في نفس الانسان واستئصال مشاعر العظمة والخيلاء.
فلو لم يشعر الانسان بتفاهته امام هذا الكون الهائل وحقارته امام عظمة الخالق ، فلا يمكن أن تؤثر فيه هذه التوجيهات والنصائح ، ويخضع لأوامر ربه ، بل ليظل متماديا في غيه وعنجهيته ويواصل عناده وغروره ويسخر ، ويستهزىء من الحق.
(عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ وَإِذا ذُكِّرُوا لا يَذْكُرُونَ ، وَإِذا رَأَوْا آيَةً يَسْتَسْخِرُونَ) ١٢ ـ ١٤ / الصافات.
وأيضا تتجه السورة هذا الاتجاه النفسي في التقاط صور عن مستقبل الانسان وحالته في القيامة واستعراض نتائج اعماله ومواقفه وأفكاره.
ان تصوير حالة هؤلاء وهم يرون نتائج أعمالهم ومواقفهم في الدنيا على شكل مواجهة علنية لمصيرهم الحتمي في الآخرة ، يمثل أقوى رد على تكذيبهم بقضية الحشر ، بعرض صورة الحشر والزجر والزج بهم في نار جهنم ، وهدايتهم الى صراط الجحيم. أي ايصالهم الى مصيرهم الحتمي