المختلفة بمرور الايام واستئناف الجولات بل وفي خلال هذه الرحلة الممتعة اذا اخطر في ذهنه سؤال فلا يستعجل البت في شأنه بل يقيده في مذكرة ، ويواصل مطالعته وتدبره ملتزما جانب الصبر والمثابرة ، فسوف يكشف الجواب ـ غالبا ـ فيما يقبل من الصفحات.
وما من معضلة الا ويبلغ حلها في دراساته العميقة الثانية ، اللهم الا في النادرة التي تتقامر عنها عقول الرجال.
ان اسئلة الطفل واستفساراته المتزايدة لا يمكن ان تحل من اول يوم فيفهم له اجوبتها فور طرحه للاسئلة. بل لا بد من تحويل كثير منها الى المراحل القادمة من حياته ، عند ما يبلغ سن الرشد بالنسبة له تعد ضرورية بحد ذاتها ، بحيث لو كان هناك طفل لا يثير تساؤلات مختلفة ، ولم يكن مبادرا الى البحث والسؤال ، لكان لزاما علينا ان نطرح عليه اسئلة تثير هذا الاحساس بالمعرفة والتصور .. وتحول اجوبتها الى المراحل المقبلة من حياته .. لكي نساعد الطفل على توسعة ذهنه وتفجير طاقات النمو والنضوج في نفسه ، وتشويقه على الرشد الفكري والتطور العقلي.
فمثل هذا الطفل تزخر نفسه بالتطلعات الكبيرة والامال في المستقبل ويخطو خطوات كبيرة نحو ذلك .. فيسعى ويجد ويجتهد اكثر.
وبالعكس لو كان طفلا مدللا تواجه رغباته واحتياجاته بالتحقيق السريع ، والتلبية الفورية ، فان هذا النوع من التعامل معه يعد ضربة قوية تحطم شخصيته واستقلاله ، ولانقاذ شخصيته وضمان استقلاله لا من مواجهته بقسوة وعدم تحقيق كل رغباته النفسية والفكرية .. لتقوية شخصيته وتنمية روحه واستقلاله ودفعه للاعتماد على نفسه.
اذن فالشرط الاساسي لتحقيق عملية التدبر في القرآن ، هو التسلح بالحلم والتأني والتخلق بالصبر والمثابرة في مواجهة معضلات القرآن ، وكشف اسراره وعجائبه.