فالقرآن كنوز للمعاني المثمرة والحكم الغنية ، والجواهر البديعة.
ولا يتمكن الانسان ان يكتشف هذه الكنوز والذخائر الا أن يحاول ويشغل فكره بالتأمل والتدبر ..
على ان الشرط الاول والاخير ـ في التدبر في القرآن ـ ليس هو التلقي من أجل الاطلاع والتثقيف وزيادة العلم والمعرفة ، بل يجب التلقي والتزود بالعلم والمعرفة من أجل العمل والتطبيق :
فليس القرآن كتاب ثقافة وعلم .. وانما هو كتاب هداية الى العمل والخير ، كتاب يصنع الانسان الملتزم. والجماعة المؤمنة المجاهدة بكل شروط الحركة والجهاد والتكتل والانطلاق ، (صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيانٌ مَرْصُوصٌ).
ولذا كانت الجماعة المؤمنة تقرأ القرآن وتتلقاه للعمل والتطبيق.
ففي الروايات «حدثنا من كان يقرئنا من الصحابة انهم كانوا يأخذون من رسول الله (ص) عشر آيات فلا يأخذون في العشر الاخرى حتى يعلموا ما في هذه من العلم والعمل»
«وان رسول الله كان يقرئهم العشر فلا يجاوزونها الى عشر اخرى حتى يتعلموا ما فيها من العمل فيعلمهم القرآن والعمل جميعا» ـ كما عن الكافي في فضل القرآن.
وكان الصحابة عند ما يحدثهم النبي بآية يقومون من عنده ويذهبون ليرجعوا بعد مدة فلما سئلوا اين كنتم ، قالوا : ذهبنا لنعمل بما قاله الله والرسول.
ولما نزلت آية النهي عن الخمر ذهب المسلمون الى بيوتهم وأراقوا كل ما عندهم من خمور وحطموا الاواني والقوارير التي بها الخمر ، فكانت الخمور تسيل في طرقات وأزقة المدينة ثلاثة ايام. فبمزيد من الجهاد امام المجاهدين ابواب الهداية والبصيرة ويزدادون ايمانا واحسانا :