فنقول توضيحا لما سبق : ان علمه تعالى بالاشياء لا ينافي تقديراته لأن معنى التقدير جعل مقتض لشيء او شرط له او مانع عنه فاذا تحقق المقتضى والشرط ولم يكن هناك مانع ، وجد المقتضى (بالفتح) واذا فقد المقتضى او الشرط او وجد المانع لم يوجد المقتضى (بالفتح) واذا فقد معلوم عند الله ازلا ، فلنفرض ان لمقدار من الرزق مقتض وهو الحياة مثلا ولزيادته مقتض اخر كالانفاق في سبيل الله ولفعليته مانع وهو نهر السائل وهكذا كان لمقدار من العمر مقتضى ولزيادته مقتض اخر ولنقصه مانع :
وعلى هذا فيكون زيادة الرزق او نقصه وكذا زيادة العمر او نقصه لما ذكرنا ، وينقسم ـ لذلك ـ الاجل الى معلق ومحتوم ، ولا ينافي هذا التقسيم قول الله تعالى (١) : (فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ)، اذ كل ذلك كان معلوما عند الله ازلا ، ولا ينافي اختيار العبد جزما (٢) : (يَمْحُوا اللهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ).
فعلى الخبير ان يغتنم الفرصة ويأتي بالطاعة ويجتنب المعصية ولا يغتر بما قرع سمعه من جفاف القلم اذ من الواضح ان سعيه سوف يرى.
وفقنا الله للعمل الصالح والانابة اليه ، وصلّى الله على محمد وآله الطاهرين والحمد لله رب العالمين (٣) : (رَبَّنا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ).
__________________
(١) الاعراف ، الاية ٣٤.
(٢) الرعد ، الاية ٣٩.
(٣) البقرة ، الاية ١٢٧.