ولكنهم كانوا يفتحون القرآن لتواجههم صور بسيطة عن تحليق الطير في الجو أو زحف الحيوانات على بطونها ، أو صلاحية الخيل والبغال والحمير كوسائط نقل قديمة او مراكب فارهة للزينة ..
ولكن السؤال الاساسي هو :
لماذا يبدو القرآن مقطعا ومقسما بدون تفصيل وترتيب موضوعي او زمني حسب نزول الآيات والسور ..؟
لماذا يبدو القرآن كحروف الهجاء .. مبعثرا ومتناثرا .. ما هو السر ..؟
وبالاجابة على هذا السؤال يتضح جواب الاسئلة الاخرى؟
اولا ـ في الحقيقة ان سر اعجاز القرآن يكمن في هذا التقطيع او البعثرة الموضوعية ..
وهذا هو الذي يجعله كحروف الهجاء ، وألفباء اللغة .. يجعله قابلا لأوسع المعاني والدلالات الرحيبة ..
فالاديب المتبحر في اللغة يجد نفسه امام ٢٨ حرفا من حروف الهجاء والابجدية .. ولكنه يتمكن أن ينسق هذه الحروف ويركبها تركيبات مختلفة ليستخرج منها مجلدات الكتب الضخمة ويؤلف منها أعظم العلوم والثقافات .. بل اننا نجد كل علوم البشر النظرية مركبة من هذه الحروف المقطعة بلا ترتيب ..
ونجد علما اللغة والبلاغة والادباء والمفكرون .. يستخرجون اعمق العبارات والجمل واعظم المفاهيم والافكار من هذه الحروف حينما يقومون بالتنسيق بينها والتركيب العلمي والفني .. بين الحروف والمواد اللفظية لتفرز هذه القواميس الضخمة من اللغات والكلمات .. لتصلح هي الاخرى مواد أولية جاهزة لمعمار هندسي بين الكلمات والجمل .. التي تنتج بالتالي هذا التراث الفني من الثروة الفكرية والعلمية والادبية ..