٤ ـ وقد وردت روايات من طريق العامة على احراق عثمان للمصاحف ، فمنها ما روى الحاكم في ـ المستدرك ـ من كتاب الفردوس باسناده عن جابر قال سمعت رسول الله (ص) يقول : يجيئوني يوم القيامة ثلاثة يبكون ، المصحف والمسجد والعترة ، يقول المصحف : يا رب حرقوني ومزقوني ، ويقول المسجد : يا رب خربوني وعطلوني وضيعوني ، وتقول العترة : يا رب قتلونا وطردونا وشردونا وجثوا باركين للخصومة ، فيقول الله جل جلاله : ذلك الي وأنا أولى بذلك.
٥ ـ وفي صحاح البخاري والترمذي والنسائي وغيرها من الكتب عن الزهري عن أنس بن مالك أن حذيفة بن اليمان قدم على عثمان وكان يغزو اهل الشام وأرمينيا وأذربيجان مع أهل العراق ، فرأى حذيفة اختلافهم في القرآن ، فقال لعثمان : أدرك هذه الامة قبل أن يختلفوا في الكتاب كما اختلف اليهود والنصارى ، فأرسل الى حفصة أن ارسلي الي بالمصحف ننسخها من المصاحف ، فأرسل عثمان الى زيد بن ثابت وسعيد بن العاص وعبد الرحمن بن الحرث بن هشام وعبد الله بن الزبير أن انسخوا المصحف من المصاحف ، وقال للرهط القرشيين الثلاثة ما اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت فاكتبوه بلسان قريش فانما نزل بلسانها ، حتى اذا نسخوا المصحف عن المصاحف بعث عثمان الى كل افق بمصحف من تلك المصاحف وأمر بسوى ذلك في صحيفة أو مصحف أن يحرق.
ووجه الاستدلال بما ذكر على التحريف واضح ، وهو أن الباعث لعثمان على احراق المصاحف لم يكن الا الاختلافات الموجودة بينها ، وهي انما تكون بالزيادة والنقصان ، وقد مر الجواب عنه بأن الاختلاف في الترتيب أيضا يوجب ذلك لان غرضه من احراق غير مصحفه انما كان اشاعة مصحفه وجعله مصحفا اسلاميا رسميا ، وهذا يتطلب الاتفاق حتى في الترتيب ، ولو كان غرضه حفظ المصحف عن التحريف لا اشاعة مصحفه ، فلم لم يجعل مصحف أبي بن كعب مصحفا رسميا ، أو مصفحف زيد بن