ولكننا بحمد الله في غنية عن ذلك بعد ورود النص الصحيح الصريح بجواز الوطء بعد النقاء المعين للقراءة الثانية ، ورجوعا الى ما ابتدأنا به الكلام ، نقول التحقيق ان كل ما يتعلق بكيفية الاداء الصوتية من الروم والاشمام والغنة والامالة والترقيق والتفخيم يجوز في أداء القراءة أخذا من اي عالم بقواعد التجويد ما لم يكن غناء محرما ، اذ حينذاك يكون حراما من جهة الغناء لا الاختلاف فى القراءة ، فالعوارض الصوتية الطارئة على القراة حيث لا تغير المادة ولا الصورة ولا الهيئة ـ واعنى بها اعراب الجمل والكلمات ـ فلا بأس بها ، اللهم الا اذا اثرت في تغيير الكلمة من حيث المادة ، كما اشرنا اليه سابقا من ان الاشباع المفرط ربما يوجب تبديل الحركة الى الحرف اذا اشبعت كسرة ـ ك ـ فى ـ مالك يوم الدين ـ الى حد توليد الياء ، واما ما يتعلق بالحركات والحروف من الاختلافات ، فالتحقيق باقسامه لزوم الرجوع الى المتيقن قرآنيته لما عرفت من عدم نص او قاعدة تقتضى جواز الاخذ بكل قراءة مشهورة ام شاذة ، لان القرآن وهو كلام الله المخلوق للتحدى بما هو فعل اختيارى لله تعالى واحد قطعا ، ولا معنى لتغايره النفس الامرى من حيث الاعراب والحروف جزما ، فان الواحد الشخصى لا يتثنى مادة ولا يختلف صورة لخروجه بذلك عن الوحدة وهو لما فرض وحدته ، فلنعما عبر المعصوع (ع) بأنه واحد من عند الواحد ، ثم ان هذا بحسب الوظيفة الادبية عقلا وعرفا ، واما من حيث الوظيفة الشرعية فالاختلاف المؤدى الى الاختلاف فى الحكم سبب لوجوب الفحص عن الصحيح من القرائتين كشفا عما هو الحكم الشرعى فى المورد.
ومع اليأس من الظفر به وجب الرجوع الى ما يقتضيه الاصل العملى الجارى فى المسألة ، وليس فى المسألة بطولها بعد اتفاق علماء الاسلام على القراءة بقراءة عاصم برواية حفص ووجود اخبار اهل البيت (ع) فى الاحكام الشرعية اعضال واشكال بلطف الله وحسن منه ، والحمد لله رب العالمين.