تبصرة
الهداية في اللغة الارشاد ، البيان ، التعريف ، الايصال ، يقال ارشده الطريق او الى الطريق بينه له وعرفه به ، ويقال : هدى او اهدى العروس الى بعلها زفها اليه والظاهر من التبادر الذاتي ان للهداية مفهوما عاما قابلا للانطباق على الارشاد والايصال معا فهو مشترك معنوي لا لفظي والتبادر المذكور ايضا شاهد على عدم كون الايصال معنى مجازيا للهداية وعلى هذا يصح لنا القول بان الهداية التي يقال لها بالفارسية ـ راهنمائي حقيقة ذات مراتب ربما تجتمع وربما تفترق وربما تستلزم مرتبة منها مرتبة اخرى ، فبالنسبة الى هداية الله سبحانه لعباده يمكن ان نجعل لها مراتب اربع ، وان شئت قلت مصاديق اربعة :
الاولى : اعطاء ما يهدى الانسان وانعامه به ، وهو العقل الموهوب للانسان وهو الهادي له والحجة الباطنة ، قال الله تعالى (١) ... (وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ)، وهذا الهادي لا ينفك عن الانسان ما دام حيا (لولا العارض).
الثانية ، اعطاء ما به يهتدى الانسان واعني به آيات التوحيد ، قال الله تبارك وتعالى (٢) : (وَفِي الْأَرْضِ آياتٌ لِلْمُوقِنِينَ) تشمل الاعضاء والجوارح ومما يهتدي به الانسان اسلوب القرآن المعجز للبلغاء عن معارضته بالمثل ، حيث ان العاقل يقطع بكونه كلام الله فيعتقد بجميع العقائد الحقة.
الثالثة : بعث الرسل الهادين الى القوانين الالهية وانزال الكتب بمضامينها العالية المرشدة للانسان الى المعارف والاحكام والى هذه المرتبة يشير قوله تعالى (٣) : (إِنَّا هَدَيْناهُ السَّبِيلَ إِمَّا شاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً)، وقوله
__________________
(١) الذاريات الاية ٢١.
(٢) الذاريات الاية ٢٠.
(٣) سورة الانسان الاية ٣