ولا حياة ولا عيش ـ فضلا عن الحكم والثروة ـ الا بواسطة الحكومة في هذا المجتمع ..
فلا شبع من غير طعام ، ولا طعام من غير مال ، ولا مال الا عند الحكومة ، ولا شرف ولا سمعة الا بالجاه ، ولا جاه الا بالوظيفة ولا وظيفة الا عند الحكومة ، ولا راحة ولا هدوء ولا سلامة الا بمسايرة التيار السائد وموافقة المجتمع ومهادنة الواقع الفاسد.
فماذا يصنعوا وكيف يكون موقفهم.
هل يخضعوا للظلم والفساد ، ويسكتوا ويستسلموا للواقع السائد؟
ولكن كيف وقد ملأ الايمان كل جوارحهم وجوانبهم بل عشقوا الحرية الى حد الوله .. وانتصر في نفوسهم الايمان على التفكير المادي والمصلحي .. ووصلوا الى مستوى الرشد والنضوج.
ويريدون أن يفعلوا شيئا ويرفضوا الواقع المرير ، ولكنهم مخنوقون ومكبوتون ..
فاذا لم يستطيعوا أن يرشدوا ويغيروا ، فليحافظوا على رشدهم الفكري وايمانهم ، واذا لم يستطيعوا ان يحرروا المجتمع من العبودية ، فليحرروا أنفسهم من الاستعباد.
فانهم يخافون على ايمانهم بالافكار التحررية الحقة ، اذ لم يجاهدوا في سبيلها ، ولم يقاوموا جبهة الكفر والظلم.
هذا ما دفعهم الى التوجه الى الله واستمداد الرشد والهداية والوعي والعزم منه.
(فَقالُوا رَبَّنا آتِنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنا مِنْ أَمْرِنا رَشَداً).
وهذا دفعهم الى اعلان موقفهم الرافض من المواقع الفاسد لمجتمعهم ، وشجبهم للوثنية والظلم والانحراف العقائدي والاجتماعي.