لانه قتل جماعة كبيرة من الشعب حاولوا المعارضة .. فأصبحوا عبرة لغيرهم وصار الآخرون يخافون اما على أنفسهم واما على مصالحهم وحقوقهم.
ومن جانب سادت الوثنية وسادت معها الميوعة والحياة المادية المتحللة .. فلم يشعر احد بالاشمئزاز والاستنكار ..
في هذه الدولة الوثنية الجائرة ، وفي هذا المجتمع المتهتك الخليع وفي هذا المحيط الضيق المطبق ، وفي هذا الجو المخنوق الرهيب ، وجد رهط من الناس تسربت اليهم دعوة الايمان بالله ، وتفجرت في نفوسهم فطرة التوجه الى الله ، والحق والحرية فصادفت منهم عقولا واعية وقلوبا خاشعة ، وضمائر حية ، ففتحتها وملكتها ، وشغلت من نفوسهم كل مكان ، ومن قلوبهم وتفكيرهم كل جانب ، وأصبحت لهم ايمانا وعقيدة ، ولذة وقوة ، وفطرة ويقينا ، وشغفا وحبا ، وعشقا وهياما ، فأصبحوا لا يشعرون بغير هذه العقيدة المتحررة ، ولا يبيعونها بأكبر ثمن في العالم ولو كان هذا الثمن نفوسهم وحياتهم ومناصبهم الرفيعة ـ لانهم قيل كانوا وزراء الملك الحاكم ـ
ومن هنا بدأ الصراع.
بدأ ذلك في نفوسهم أولا ، ثم في الواقع الخارجي ثانيا ، وكذلك الصراع ـ بين الخير والشر ـ يبدأ دائما في النفوس.
لذلك رفضوا الواقع الفاسد ، وفكروا في اعلان رفضهم وثورتهم واتجهوا اتجاها معارضا للحكومة والمجتمع ، فالحكومة وثنية لا تقبل الا الوثنية والحاكم مستبد طاغية لا يقبل من الناس الخضوع والعبودية الا له ، والمجتمع خليع بكل وسائل الخلاعة والميوعة والترف.
ولكن كيف يعلنوا رفضهم ومعارضتها وهم أقلية مستضعفة في قبضة الحاكم.