فقرات الآية الواحدة .. وهي التي تصنع من ايات نسيجا فريدا في الابداع البياني والتربية النفسية والهداية القرآنية.
فيما ان القرآن كتاب تربية وهداية.
وبما ان صفات النفس البشرية تتداخل وتتماذج ببعضها.
فان القرآن الحكيم يتابع النفس البشرية بما يصلحها ويهذبها من التوجيهات والضوابط فان طغت صفة سلبية عليها افراطا عالجها بحكمة وان طغت عليها صفة ـ تفريطا ـ عالجها بحكمة اخرى ، ولا يزال يعدلها ويصنعها حتى تتحول الى نفس سوية مستقيمة.
ونستفيد من دراسة علاقة الآيات التربوية ببعضها ، نستفيد علما بخبيئة النفوس ـ وبمعرفة القوانين التربوية التي تتحكم في النفس.
فمثلا في قوله تعالى :
(وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللهِ وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) ١٩٥ / البقرة.
أن فقرات هذه الاية ثلاث الاولى في الانفاق ، والثانية في النهي عن القاء النفس في التهلكة. والثالثة في الاحسان. فما هي علاقة بعضها ببعض؟
والجواب :
اول ما امر الله بالانفاق توجهت النفوس اليه. وكانت المخافة من وقوع الافراط في الانفاق ، فجاءت الجملة الثانية تنهي عن التهلكة وتأمر بالاقتصاد في العطاء ، فاعتدلت صفتا الانفاق والاقتصاد في النفس.
وبما ان النفوس مطبوعة على البخل كان من الضروري ترجيح كفة الانفاق في مقابلة الشح الطبيعي ، فجاءت الفقرة الثالثة : و (أَحْسِنُوا إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ).
(واحسنوا ان الله يحب المحسنين .. والحمد لله رب العالمين.)