لانك لو نظرت الى عجز كل آية مع صدرها لوجدت أن العجز مناسب لذلك الصدر ومطلوب أيضا.
لانه في الآية الاولى يقول : (وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ)
فهذه العبارة (من املاق) توحي بأن الفقر موجود بالفعل.
ومادام الفقر موجودا بالفعل فاهتمام الانسان يكون برزق نفسه قبل أن يهتم برزق ولده ، فخوفه أن يبقى جائعا لو أراد أن يطعم اولاده ، وهنا يطمئنه الله تعالى على نفسه اولا ورزق اولاده ثانيا فيقول :
«(نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ) ـ يا اصحاب الاملاق ـ واياهم ـ ونأتي برزقهم أيضا.
بينما في الاية الثانية يقول الله : (وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ) أي خوفا من فقر يقع مستقبلا ، فكأن الفقر غير موجود ولكن الاب يخاف ان جاءه اولاد ان يأتي الفقر مع الاولاد ، فيقول له الله تعالى :
لا .. انا سأحضرهم برزقهم (نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ).
اذن .. فالمعنى ليس واحدا ـ في الايتين ـ وان كان يبدو في ظاهره واحدا.
لأن في قضية قتل الاولاد خوفا من الفقر يكون المخاطب في كل آية مختلف عن الآخر.
فمرة يكون فقيرا بالفعل ، وهنا شغله برزقه قبل ان يشغل باله برزق ولده ـ فقتل الاولاد يكون نتيجة لوجود الفقر ـ وهنا تحمل العبارة ضمانا لرزقه اولا ، ثم رزق ولده ثانيا.
ومرة يكون غنيا ولكنه يخاف ان يأتي الفقر اذا جاء الولد .. فيكون شغله برزق ولده ، فيقتله تحسبا من الفقر المتوقع بمجيء الولد ، وهنا تعطيه الآية بشارة برزق الولد مع مجيئه ، نحن نرزقهم اي نأتيهم برزقهم معهم.
١١ ـ واخيرا .. نسوق هذا المثال لوجود العلاقة التربوية بين