والتعويل على الظنّ بذلك عار عن الدليل.
وقوله : «لا نجد شيئا أحوط ولا أوسع ... إلى آخره» ، أمّا أوسعيّة التخيير فواضح ، وأمّا وجه كونه أحوط ، مع أنّ الأحوط التوقف والاحتياط في العمل ، فلا يبعد أن يكون من جهة أنّ في ذلك ترك العمل بالظنون التي
______________________________________________________
(و) ان قلت : انّا كثيرا ما نظنّ الآن بأنّ الخبر الفلاني مخالف للكتاب ، أو موافق للعامّة ، أو مخالف للمجمع عليه ، فيلزم طرحه والأخذ بالخبر المقابل له ، لأنّه أصبح كثيرا ولم يبق على قلّته ، وذلك ظنّا منّا بأنّ زمن الصدور كان كذلك أيضا.
قلت : (التعويل على الظنّ بذلك عار عن الدليل) فلا دليل على جواز الاعتماد والتعويل على الظنّ الحاصل من مخالفة الخبر الفلاني الآن للكتاب ، أو للمجمع عليه ، أو موافقته للعامّة ، ظنّا بأنّه كان في زمن الصدور أيضا كذلك ، وحيث لا دليل على حجيّة هذا الظنّ ، فلا يجوز التعويل عليه.
هذا (وقوله : «لا نجد شيئا أحوط ولا أوسع ... إلى آخره») فانّ مقصود الشيخ الكليني من الأحوط والأوسع هو كما يلي :
(امّا أوسعيّة التخيير فواضح) لأنّ التخيير يعطي للإنسان حريّة الاختيار في أن يعمل بهذا الخبر أو بذاك الخبر ، بينما التعيين نوع تضييق على الانسان وتقييد له.
(وأمّا وجه كونه) أي كون التخيير (أحوط ، مع انّ الأحوط التوقّف والاحتياط في العمل) لا أن يكون مخيّرا بين أن يعمل بهذا أو بذاك (فلا يبعد أن يكون من جهة أنّ في ذلك) أي : في التخيير (ترك العمل بالظنون التي) توجب ترجيح خبر على خبر ، فيما لم يكن المرجّح منصوصا ، فانّ تلك الظنون غير المنصوصة