نعم ، لو علم مناط هذا الحكم عنوانه المعلق عليه في حكم العقل لم يجر الاستصحاب ، لما ذكرنا : من عدم إحراز الموضوع.
وممّا ذكرنا يظهر : أنّ الاستصحاب لا يجري في الأحكام العقلية ، ولا في الأحكام الشرعية المستندة اليها ، سواء كانت وجوديّة أم عدميّة ،
______________________________________________________
إنّما هو في الحكم ، فيستصحب.
وإنّما يكون الموضوع محرزا عرفا ، لرؤية العرف الخمر المسكر والخمر الذي زال إسكاره موضوعا واحدا ، وإنّما الإسكار وعدم الإسكار حالتان تتناوبان على هذا الموضوع الذي كان سابقا وهو باق الى الآن ، وهذا بخلاف الحكم العقلي المعلوم مناطه ، فإنا إذا شككنا في الحكم العقلي كان معناه : الشك في الموضوع كما تبيّن سابقا. ومع الشك في الموضوع لا يجري الاستصحاب.
(نعم ، لو علم مناط هذا الحكم) الشرعي (عنوانه المعلق عليه في حكم العقل) بأن كان العقل يرى : أنّ الخمر المسكر حرام وكان حكم الشرع تابعا له ، فإنه إذا زال إسكاره ارتفع الحكم العقلي ، وبتبع ارتفاع الحكم العقلي يرتفع الحكم الشرعي أيضا ، وحينئذ (لم يجر الاستصحاب لما ذكرنا : من عدم إحراز الموضوع) حيث قد سبق : إنه يشترط في الاستصحاب إحراز الموضوع.
(وممّا ذكرنا) فيما مضى : من رجوع الشك في موارد حكم العقل الى الشك في الموضوع ، حيث لا يمكن جريان الاستصحاب فيه (يظهر : أنّ الاستصحاب لا يجري في الأحكام العقلية ولا في الأحكام الشرعية المستندة اليها) أي : الى الأحكام العقلية (سواء كانت) الأحكام الشرعية (وجوديّة أم عدميّة).
أما الوجوديّة : فكما تقدّم من مثال قبح الصدق الضارّ المستتبع لحرمته شرعا ، فإنّه عند الشك في ضرره وعدم ضرره لا يستصحب القبح ، فيسقط الحكم