فلا إطاعة لهذا الأمر الارشاديّ ، ولا ينفع في جعل الشيء عبادة.
كما أنّ إطاعة الأوامر المتحققة لم تصر عبادة بسبب الأمر الوارد بها في قوله تعالى : (أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ).
______________________________________________________
من العقل أو إرشادا من الشرع.
وعليه : (فلا إطاعة) ولا مخالفة (لهذا الأمر الارشادي) بحسن الاحتياط (ولا ينفع) هذا الأمر الارشادي (في جعل الشيء عبادة) فانّ عبادية الدعاء عند رؤية الهلال لا تحصل بالأمر بالاحتياط وانّما إن كان له أمر واقعي كان عبادة ، والّا لم يكن عبادة ، فكيف يتمكن أن يأتي المكلّف بالدعاء عند الهلال قربة الى الله مع انّه لا يعلم بالأمر الواقعي من الله سبحانه وتعالى فيه ، فيكون نسبته اليه سبحانه تشريعا محرّما.
(كما أن اطاعة الأوامر المتحقّقة) شرعا ممّا نعلم بوجوبها ، كالأمر بالصلاة ، والصيام ، والحج ، والخمس ، وما أشبه (لم تصر عبادة بسبب الأمر الوارد بها) أي : بالاطاعة (في قوله تعالى : (أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ)) (١) فانّ الأمر بالاطاعة لا بجعل الشيء عبادة ، بل عبادية الصلاة والصيام ونحوهما انّما هي بسبب الأمر بالصلاة كما في قوله سبحانه : (أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ) (٢) والأمر بالصيام كما في قوله سبحانه : (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ) (٣) ونحوهما.
الثالث : انّا لا نحتاج في العبادة الى الأمر ، بل يكفي الحسن ، ولا شكّ في أن الاحتياط حسن كما اعترفتم به ، فالاستهلال لما كان حسنا ـ لاحتمال وجوبه فرضا ـ كان عبادة ، والى هذا أشار المصنّف بقوله :
__________________
(١) ـ سورة النساء : الآية ٥٩.
(٢) ـ سورة الاسراء : الآية ٧٨.
(٣) ـ سورة البقرة : الآية ١٨٣.