ومن حكم بغير ما أنزل الله تعالى (فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ.)
ثم أقول : هذا المقام ممّا زلّت فيه أقدام أقوام من فحول العلماء ، فحريّ بنا أن نحقّق المقام ونوضّحه بتوفيق الملك العلّام ودلالة أهل الذكر عليهمالسلام.
فنقول : التمسّك بالبراءة الأصليّة إنّما يتمّ عند الأشاعرة المنكرين للحسن والقبح الذاتيّين ،
______________________________________________________
هذا (و) قد قال سبحانه : انّ (من حكم بغير ما أنزل الله تعالى (فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ)) (١) ، ونص الآية : (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ) (٢) وفي آية أخرى : (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) (٣).
وفي آية ثالثة : (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ) (٤).
إذن : فمن يعمل بالبراءة الاصلية في واقعة يكون ممّن لم يحكم بما أنزل الله ، أو حكم بغير ما أنزل الله.
قال المحدّث الاسترابادي في تتمة كلامه السابق : (ثمّ أقول : هذا المقام) أي : مقام التمسك بالبراءة الأصليّة في الشبهة الوجوبية أو التحريمية (ممّا زلّت فيه اقدام أقوام من فحول العلماء فحريّ) أي : جدير وحقيق (بنا أن نحقق المقام ونوضحه بتوفيق الملك العلّام ، ودلالة أهل الذكر عليهمالسلام) ممّا ورد منهم من الأخبار (فنقول) : ان (التمسّك بالبراءة الأصليّة) في الشبهتين الوجوبية والتحريمية (انّما يتم عند الاشاعرة المنكرين للحسن والقبح الذّاتيين) فليس
__________________
(١) ـ الفوائد المدنية : ص ١٣٨.
(٢) ـ سورة المائدة : الآية ٤٤.
(٣) ـ سورة المائدة : الآية ٤٥.
(٤) ـ سورة المائدة : الآية ٤٧.