ثمّ الفرق بين هذا الايراد وسابقه : أنّ هذا الايراد مبنيّ على أنّ الآية ناطقة باختصاص مقصود المتكلّم بالحذر عن الأمور الواقعيّة المستلزم لعدم وجوبه إلّا بعد إحراز كون الانذار متعلّقا
______________________________________________________
للعقاب ، وليس معنى ذلك : إنشاء الحكم الظاهري ، بل التنجيز والاعذار.
ومن ذلك يعرف : وجه الرد والقبول في قول الأوثق حيث قال :
فان هذا الايراد في غاية الضعف ، اذ بعد كون المراد بالحذر : وجوب العمل والقبول ، وبالانذار : إبلاغ الحكم مطلقا ـ كما عليه مبنى هذا الايراد ـ لا : ابلاغه على وجه التخفيف ـ كما عليه مبنى الايراد الثالث ـ فلا ريب في ظهور الآية : في انشاء حكم ظاهري لوجوب التعبد بخبر المنذرين ، لأنها حينئذ نظير قولك لزيد : اذا أخبرك عمرو بأمري ، يجب عليك امتثاله.
وأمّا تنظيره على قول القائل : أخبر فلانا بأوامري ، لعله يمتثلها ، فهو قياس مع الفارق ، لأنّ القياس أن يخاطب نفس فلان ، كما مثلنا به ، لعدم اختصاص الخطاب في الآية بالمنذرين.
وأما قياسه على جميع ما ورد من بيان الحق للناس ، ففيه : انّ الأمر ببيان الحق للناس غير أمر الناس بالعمل بما يخبر به المخبر ، وما نحن فيه من قبيل الثاني ، دون الأول ، لسكوته عن كيفية العمل رأسا (١).
(ثمّ الفرق بين هذا الايراد وسابقه : انّ هذا الايراد مبني على انّ الآية ناطقة باختصاص مقصود المتكلم : بالحذر عن الامور الواقعيّة المستلزم) ذلك الحذر عن الامور الواقعية (لعدم وجوبه) أي : الحذر (إلّا بعد إحراز كون الانذار متعلّقا
__________________
(١) ـ أوثق الوسائل : ص ١٥٧ دلالة آية النفر على حجيّة خبر الواحد.