المسلم ، قال عوف بن الأحوص الباهلي :
وإبسالي بنىّ بغير جرم |
|
بعوناه ولا بدم مراق (١) |
ومنه : هذا عليك بسل ، أي : حرام محظور.
وأبسلت فلانا : أسلمته للهلاك فهو مبسل.
ومثل هذا قوله تعالى من الأنعام :
(أُولئِكَ الَّذِينَ أُبْسِلُوا بِما كَسَبُوا) [الآية ٧٠].
أي : أسلموا بجرائمهم ، وقيل : ارتهنوا ، وقيل أهلكوا (٢).
أقول : وهذا من الكلم الشريف الذي اشتملت عليه لغة القرآن ، وليس لنا شيء منه في العربية المعاصرة.
إننا لم نعرف في عربيتنا المعاصرة من مادة «بسل» إلا الباسل والبسالة فنقول : الجيش الباسل ، وأبدى المحارب بسالة ، ولا نعرف الفعل «بسل».
٩ ـ وقال تعالى : (يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ) [الآية ٧٣].
ورد «الصّور» في عشر من الآيات ، وفي جميعها يرد الفعل «نفخ وينفخ» بالبناء للمفعول ، فما الصّور هذا؟
وفي «الصّور» قولان أحدهما : أنه بفتح الواو جمعا لصورة ، كما في قراءة لقوله تعالى : (يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقاً) (١٠٢) [طه].
والثاني : أنه القرن الذي ينفخ فيه.
أقول : وأما من قال : إن الصّور «بفتح الواو» هو المراد ، وهو جمع صورة ، فهو أبو علي.
وقال أبو الهيثم : اعترض قوم فأنكروا أن يكون الصّور قرنا ، كما أنكروا العرش والميزان والصّراط ، وادّعوا أن الصّور جمع الصورة كما أن الصّوف جمع الصّوفة ، والثّوم جمع الثّومة ، ورووا ذلك عن أبي عبيدة. قال أبو الهيثم وهذا خطأ فاحش ، وتحريف لكلمات الله ، عزوجل ، عن مواضعها لأن الله ، سبحانه ، قال : (وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ) [غافر : ٦٤] ففتح الواو.
__________________
(١). الكشاف ٢ : ٣٦.
(٢). اللسان (بسل).