وقتل البنات بالوأد (١).
وبالمائدة من حيث اشتمالها على الأطعمة بأنواعها (٢).
وفي افتتاح السور المكية بها وجهان آخران من المناسبة.
الأول : افتتاحها بالحمد.
والثاني : مشابهتها للبقرة ، المفتتح بها السور المدنية ، من حيث أن كلا منهما نزل مشيّعا. ففي حديث أحمد : «البقرة سنام القرآن وذروته ، نزل مع كل آية منها ثمانون ملكا» (٣). وروى الطبراني وغيره من طرق : «أن الأنعام شيّعها سبعون ألف ملك». وفي رواية : «خمسمائة ملك» (٤).
ووجه آخر ، وهو : أن كل ربع من القرآن افتتح بسورة أولها الحمد. وهذه للربع الثاني ، والكهف للربع الثالث ، وسبأ وفاطر للربع الرابع.
وجميع هذه الوجوه التي استنبطتها من المناسبات بالنسبة للقرآن كنقطة من بحر.
ولما كانت هذه السورة لبيان بدء الخلق ، ذكر فيها ما وقع عند بدء الخلق ، وهو قوله تعالى : (كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ) [الآية ٥٤]. ففي الصحيح : «لما فرغ الله من الخلق ، وقضى القضية ، كتب كتابا عنده فوق العرش : إنّ رحمتي سبقت غضبي» (٥).
__________________
(١). سبق ما يدل على بدء الخلق ، وما حرموه على أزواجهم ، أما تقبيح قتل البنات بالوأد فجاء عقبه في قوله تعالى : (قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُوا أَوْلادَهُمْ سَفَهاً بِغَيْرِ عِلْمٍ وَحَرَّمُوا ما رَزَقَهُمُ اللهُ) [الآية ١٤٠].
(٢). الأطعمة ذكرت هنا مفصلة في قوله تعالى : (وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشاتٍ) [الآية ١٤١] إلى قوله : (إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ) (١٤٨).
(٣). أخرجه أحمد في المسند : ٥ : ٢٦ عن معقل بن يسار. وأخرج أوله الترمذي : ٨ : ١٨١ بتحفة الاحوذي. والدارس في فضائل القرآن عن ابن مسعود : ٢ : ٤٤٧ ، ونزول الملائكة معها أخرجه الهيثمي في مجمع الزوائد : ٦ : ٣١١ وعزاه للطبراني.
(٤). أخرجه الهيثمي في مجمع الزوائد عن ابن عمر : ٧ : ١٩ ، ٢٠ وفيه (أنزلت جملة واحدة) وفيه (لهم زجل بالتسبيح والتحميد). وعزاه للطبراني وقال : فيه يوسف الصفار ، وهو ضعيف. وقال ابن الجوزي : متروك.
(العلل المتناهية من اسمه يوسف) ونقل السيوطي عن ابن الصلاح في فتاواه رواية تخالف ذلك : أنها لم تنزل جملة ، بل نزلت منها آيات بالمدينة ، قيل : ثلاث ، وقيل : غير ذلك (الإتقان : ١ : ١٣٧).
(٥). أخرجه البخاري في بدء الخلق : ٤ : ١٢٩ ، وفيه (كتب في كتابه فهو عنده فوق العرش).