العذاب من ذبح الأبناء واستحياء النساء ، وأنّه فرق بهم البحر فأنجاهم وأغرق آل فرعون ، وأنّه وعد موسى أربعين ليلة فعبدوا العجل من بعده فعفا عنهم ، ولم يعاقبهم بما عاقب به من قبلهم ، وأنّه أنزل على موسى التوراة لهدايتهم ، وأنه أمرهم بقتل أنفسهم لعبادتهم العجل ثم نسخ ذلك الأمر رحمة بهم ، وأنّهم قالوا لموسى : (لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللهَ جَهْرَةً) [الآية ٥٥] فأخذتهم الصاعقة عقوبة لهم. ثم بعثهم من بعد موتهم وظلّل عليهم الغمام وأنزل عليهم المنّ والسّلوى ، وأنه أمرهم أن يدخلوا بيت القدس على حالة مخصوصة فبدّلوا في ذلك وغيّروا ، فأخذ من بدّل وغيّر بما أخذه به ، وأنّ موسى استسقى لهم فضرب بعصاه الحجر فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا بعدد أسباطهم ، وأنّهم لم يصبروا على طعام واحد في تيههم (المنّ والسلوى) فطلبوا منه أن يدعو ربه ليخرج لهم من الأرض بقلا وقثّاء وبصلا ، فأمرهم بأن يهبطوا مصرا من الأمصار ليجيبهم إلى سؤالهم ، وذكر أنّ مثل هذا ممّا ضربت به عليهم الذّلة والمسكنة ، وممّا كان سببا في غضب الله عليهم ، لأنهم كانوا يكفرون بآيات الله ويقتلون النبيّين بغير الحق ، ويرتكبون من العصيان والاعتداء ما ترتكبون ، وقد استطرد من هذا إلى ذكر حسن جزائه لمن آمن به من المسلمين واليهود والنصارى والصابئين ، جمعا بين الوعد والوعيد ، وذكرا للترغيب بعد الترهيب.
ثم عاد السياق فذكر أنّه سبحانه أخذ عليهم ميثاقهم أن يؤمنوا به ، ورفع فوقهم الطور عند أخذه عليهم ، فنقضوا ميثاقهم وكفروا به ، ولولا فضله عليهم لأهلكهم بذلك كما أهلك من قبلهم ، وذكر أنّهم يعلمون الذين اعتدوا منهم في السبت فمسخوا قردة جزاء لهم على اعتدائهم ، وأنّ موسى ذكر لهم أنّ الله يأمرهم أن يذبحوا بقرة فلم يبادروا إلى امتثال أمره ، بل أخذوا يطلبون منه أن يسأل ربه ما هي؟ فأجابهم بأنّها بقرة لا فارض ولا بكر ، ثم طلبوا منه أن يسأله ما لونها؟ فأجابهم بأنّها بقرة صفراء فاقع لونها ، ثم طلبوا منه أن يسأله ثانيا ما هي؟ فأجابهم بأنّها بقرة لا ذلول تثير الأرض ولا تسقي الحرث مسلّمة لا شية فيها ، فذبحوها بعد كل هذا وما كادوا يفعلون. ثم ذكر بعد هذا معجزتها في النفس التي قتلوها ولم