وروى الشيخ الجليل أبو جعفر محمد بن علي بن شهر آشوب المازندراني السروي في كتاب (مناقب آل أبي طالب) ـ بحذف الأسانيد جملة من الأخبار في باب مأكله عليهالسلام (١) قال : (ورآه سويد بن غفلة وهو يأكل رغيفا ، وهو يكسره بركبتيه ويلقيه في لبن خاثر يجد ريحه من حموضته ، فقال : ويحك يا فضة ، أما تتقون الله في هذا الشيخ فتنخلون له طعاما لما أرى فيه من النخالة؟ فقال أمير المؤمنين : «بأبي وأمي من لم [ينخل] (٢) له طعام ، ولم يشبع من خبز البرّ حتى قبضه الله إليه».
وقال لعقبة بن علقمة : «يا أبا الجنوب أدركت رسول الله صلىاللهعليهوآله يأكل أيسر من هذا ، ويلبس أخشن من هذا ، فإن أنا لم آخذ به خفت الّا ألحق به».
وكان عنده عمرو بن حريث ، فأتت فضد بجراب مختوم ، فأخرج منه خبز شعير مختوم خشنا ، فقال : يا فضة ، لو نخلت هذا الدقيق وطيبته! قالت : كنت أفعل فنهاني عليهالسلام ، وكنت أضع في جرابه طعاما طيّبا فختم جرابه. ثمّ أن أمير المؤمنين عليهالسلام فتّه في قصعة ، ثمّ صبّ عليه الماء ، ثمّ ذر عليه الملح ، وحسر عن ذراعيه ، فلمّا فرغ قال : «يا عمرو ، لقد خابت هذه ـ ومدّ يده إلى محاسنه ـ وخسرت هذه أن ادخلها النار من أجل الطعام ، وهذا يجيرني».
ورآه عدي بن حاتم وبين يديه شنة (٣) وفيها قراح ماء وكسرات من خبز شعير وملح ، فقال : إني لأراك يا أمير المؤمنين تطيل نهارك طاويا مجاهدا والليل ساهرا مكابدا ، وهذا فطورك؟ فقال عليهالسلام :
__________________
(١) كذا في النسختين ، وفي المصدر وردت الأخبار المذكورة في باب : درجات أمير المؤمنين عليهالسلام ، فصل : في المسابقة بالزهد والقناعة.
(٢) من المصدر ، وفي النسختين ؛ يتخذ.
(٣) من «ح» والمصدر ، وفي «ق» : مشنة. والشّنّة : القربة الخلقة الصغيرة. انظر الصحاح ٥ :
٢١٤٦ ، شنن.