بصدور دجاجكم ، ولشربت الماء الزلال برقيق زجاجكم ، ولكنّي اصدق الله جلّت عظمته حيث يقول (مَنْ كانَ يُرِيدُ الْحَياةَ الدُّنْيا وَزِينَتَها نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمالَهُمْ فِيها وَهُمْ فِيها لا يُبْخَسُونَ. أُولئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النّارُ) (١). فكيف أستطيع الصبر على نار لو قذفت بشررة إلى الأرض لأحرقت نبتها ولو اعتصمت نفس بقلّة لأنضجها وهج النار في قلّتها؟! وأيما خير لعلي أن يكون عند ذي العرش مقرّبا ، أو يكون في لظى خسيئا مبعدا ، مسخوطا عليه مكذّبا.
والله ، لأن أبيت على حسك السعدان مرقدا ، وتحتي أطمار على سفاها ممدّدا ، أو اجرّ في الأغلال مصفّدا ، أحبّ إلي من أن (٢) ألقى في القيامة محمدا خائنا في ذي يتمة أظلمه بفلسه متعمدا ، ولم أظلم اليتيم وغير اليتيم؟ النفس (٣) تسرع إلى البلى قفولها ، ويمتد في أطباق الثرى حلولها ، وإن عاشت رويدا فبذي العرش نزولها.
معاشر شيعتي ، احذروا ؛ فقد عضّتكم الدنيا بأنيابها ، تختطف منكم نفسا بعد نفس كدأبها ، وهذه مطايا الرحيل قد انيخت لركّابها. ألا إن الحديث ذو شجون ، فلا يقولنّ قائلكم : إن كلام علي متناقض ، لأنّ الكلام عارض.
وقد بلغني أن رجلا من قطّان المدائن تبع بعد الحنيفية علوجه ، ولبس من [نالة] دهقانه منسوجه ، وتضمخ بمسك هذه النوافج صباحه ، ويخبر بعود الهند رواحه ، وحوله ريحان حديقة يشم نفاحه ، وقد مدّ له مفروشات الروم على سرره. تعسا له بعد ما ناهز الثمانين (٤) من عمره ، وحوله شيخ يدبّ على أرضه من هرمه ، وذو يتمة تضوّر (٥) من ضره وقرمه ، فما واساهم (٦) بفاضلات من علقمه. لئن أمكنني الله منه لأخضمنه خضم
__________________
(١) هود : ١٥ ـ ١٦.
(٢) من «ح» والمصدر.
(٣) من «ح» ، وهو الموافق لرسم العبارة المشروحة الآتية ، وفي «ق» : لنفس.
(٤) من «ح» ، وهو الموافق لرسم العبارة المشروحة الآتية ، وفي «ق» : السبعين.
(٥) في «ح» : يتضور.
(٦) في «ح» : اساهم.