إلا إنّه يظهر من عبارات جملة من المتأخّرين في مطاوي أبحاث كتاب الصوم ذلك ـ كما نقلنا ذلك في كتابنا (الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة) (١) ، وفّق الله تعالى لإتمامه ـ كشيخنا الشهيد الثاني (٢) والمحقق الأردبيلي (٣).
والمحقق المذكور بعد أن نقل عنهم ذلك اعترف بأنّه لم يقف لهم على دليل ، وكرر ذلك في غير موضع ، فقال ـ بعد الكلام في ريق الإنسان نفسه ـ : (وأمّا ريق غيره فقالوا أيضا : إنّه حرام. وما أعرف دليلهم ، وما رأيت دليل تحريم فضلات الحيوان) (٤) انتهى.
وبه يظهر لك ما في كلام المعاصر ـ سلّمه الله ـ من أنه لا يعلم أحدا من المتقدّمين والمتأخرين خالف في ذلك ، وأمّا ما ادّعاه من الأخبار فهو عجيب وأيّ عجيب! حيث إنّ الأمر بالعكس كما لا يخفى على الموفّق المصيب ، وسيظهر لك إن شاء الله تعالى في المقام.
وبالجملة ، فإني لا أعرف لهم دليلا ، إلّا أن يدّعوا كون هذه الأشياء من الخبائث ، وهو على إطلاقه ممنوع ؛ لما ستعرف من دلالة الأخبار صريحا على حلّ الريق والدمع.
أخبار حليّة لعاب الإنسان ونحوه
والذي وقفت عليه من الأخبار المتعلّقة بهذه المسألة ؛ منها ما رواه ثقة الإسلام في (الكافي) في الصحيح إلى الحسن بن زياد الصيقل قال : سمعت أبا عبد الله عليهالسلام يقول : «مرّت امرأة مدنيّة برسول الله صلىاللهعليهوآله وهو يأكل ، وهو جالس على
__________________
(١) الحدائق الناضرة ١٣ : ٧٩ ـ ٨٠.
(٢) مسالك الأفهام ٢ : ٣٢.
(٣) مجمع الفائدة والبرهان ٥ : ٢٨.
(٤) مجمع الفائدة والبرهان ٥ : ٢٩.