فيما هنالك فهو ليس من الامور الدنيوية ، بل هو من الامور الاخروية وإن اضيف إلى الدنيا باعتبار وقوعه فيها ، وكلّ ما ترتب على صرف العمر في هذه النشأة في الامور الباطلة الموجبة للبعد من الله عزوجل فهو من الدنيا المذمومة.
ومن أظهر ما يدلّ على ما قلناه ما رواه في (الكافي) بسنده عن ابن أبي يعفور قال : قال رجل لأبي عبد الله عليهالسلام : إنّا لنطلب الدنيا ونحب أن نؤتاها. فقال : «تحب أن تصنع بها ما ذا؟». قال : أعوذ بها على نفسي وعيالي ، وأصل بها وأتصدّق وأحج وأعتمر. فقال أبو عبد الله عليهالسلام : «ليس هذ طلب الدنيا ، هذا طلب الآخرة» (١).
وروي في (الفقيه) عنه عليهالسلام قال : «لا خير فيمن لا يجب جمع المال من حلال ، يكفّ به وجهه ، ويقضي به دينه ، ويصل به رحمه» (٢).
إلى غير ذلك من الأخبار التي أتينا عليها في محل أليق.
عود على بدء
«فكيف أستطيع الصبر على نار لو قذفت بشررة» ـ وهو ما يتطاير من النار إلى الأرض ـ «لأحرقت نبتها» ، أي كله ؛ لأن إضافة المصدر تفيد العموم حيث لا عهد ، كما صرّح به النحويون في : ضربي زيدا قائما. وصحة الاستثناء من مثله مصداق العموم.
قال بعض الأفاضل : (والحكم بذلك ـ مع كون الذي يطير من النار في غاية القلة والصغر ـ غاية الترهيب والتحذير).
وردّ بأن قوله تعالى في سورة (المرسلات) (تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ. كَأَنَّهُ جِمالَتٌ صُفْرٌ) (٣) ينافي ما ذكره رحمهالله من كونها في غاية القلّة والصغر.
__________________
(١) الكافي ٥ : ٧٢ / ١٠ ، باب الاستعانة بالدنيا على الآخرة.
(٢) الفقيه ٣ : ١٠٢ / ٤٠٢ ، وفيه : فيكفّ ، بدل : يكفّ.
(٣) المرسلات : ٣٢ ـ ٣٣.