ولاداتها فبطل قضاؤهم بما يوجب الموت الطبيعي ، وبما يوجب الموت الكرهي ، لاستواء جميعها في الولادات واختلافها في أنواع المنايا.
وبرهان سابع : وهو أننا نرى الخصاء فاشيا في سكان الإقليم الأول وسكان الإقليم السابع ولا سبيل إلى وجوده البتة في سكان سائر الأقاليم ، ولا شك ولا مرية في استوائهم في أوقات الولادة فبطل يقينا قضاؤهم بما يوجب الخصاء وبما لا يوجبه بما ذكرنا من تساو في أوقات التكون والولادة واختلافهم في الحكم ، ويكفي من هذا أن كلامهم في كل ذلك دعوى بلا برهان ، وما كان هكذا فهو باطل مع اختلافهم فيما يوجبه الحكم عندهم ، والحق لا يكون في قولين مختلفين. وأيضا : فإن المشاهدة توجب أننا قادرون على مخالفة أحكامهم متى أخبرونا بها فلو كانت حقا وحتما ما قدر أحد على خلافها وإذا أمكن خلافها فليست حقا ، فصح أنها تخرّص كالطرق بالحصى والضرب بالحب ، والنظر في الكف والزجر والطيرة وسائر ما يدعي أهله فيه تقديم المعرفة بلا شك ، وما يحصى ما شاهدناه وما صح عندنا مما حققه حذاقهم من التعديل في الموالد ، والمناخات ، وتحاويل السنين ثم قضوا به فأخطئوا وما تقع إصابتهم من خطأهم إلا في جزء يسير ، فصح أنه تخرص لا حقيقة فيه لا سيما دعواهم في إخراج الضمير فهو كله كذب لمن تأمله ، وبالله تعالى التوفيق.
وكذلك قولهم في الغيبيات أيضا ولو أمكن تحقيق تلك التجارب في كل ما ذكرنا لصدقناها وما يبدو منها ولم يكن ذلك علم غيب لأن كلّ ما قام عليه دليل من خط أو كف أو زجر أو تطير فليس غيبا لو صح وجه كل ذلك ، وإنما الغيب وعلمه : فهو أن يخبر المرء بكائنة من الكائنات دون صناعة أصلا من شيء مما ذكرنا ولا من غيره فيصيب الجزئي والكلي ، وهذا لا يكون إلا لنبي وهي معجزة حينئذ. وأما الكهانة فقد بطلت بمجيء رسول الله صلىاللهعليهوسلم وكان هذا من أعلامه وآياته وبالله تعالى التوفيق.