الفصاحة ، وذات الباري تعالى ليست في كل سورة ، وإنما في السورة اسم الله تعالى فلا شك أن الذي في السورة غير الذي ليس فيها.
وقال أبو ساسان حضين بن المنذر بن الحارث بن وعلة الرقاشي لابنه غيّاظ :
وسمّيت غيّاظا ولست بغائظ |
|
عدوّا ولكن الصّديق تغيظ(١) |
فصرح بأن الاسم غير المسمى تصريحا لا يحتمل التأويل ، بخلاف ما ادعوه على لبيد ، وأما قول سيبويه : إن الأفعال أمثلة أخذت من لفظ أحداث الأسماء فلا حجة لهم فيه ، فبيقين ندري أنه أراد أحداث أصحاب الأسماء ، برهان ذلك قوله في غير موضع من كتابه أمثلة الأسماء من الثلاثي ، والرباعي ، والخماسي ، والسداسي ، والسباعي ، وقطعه بأنّ السداسيّ والسّباعيّ من الأسماء مزيدان ولا بدّ ، وأنّ الثلاثيّ من الأسماء أصلي ولا بدّ ، وأنّ الرباعي والخماسي من الأسماء يكونان أصليين ، كجعفر وسفرجل ، ويكونان مزيدين ، وأن الثنائيّ من الأسماء منقوص مثل يد ، ودم ، ولو تتبعنا قطعه على أن الأسماء هي الأبنية المسموعة الموضوعة ليعرف بها المسميات لبلغ أزيد من ثلاثمائة موضع. أفلا يستحي من يدري هذا من كلام سيبويه إطلاقا لعلمه بأن مراده لا يخفى على أحد قرأ من كتابه ورقتين؟ ونعوذ بالله من قلة الحياء.
وأول سطر من كتاب «سيبويه» بعد البسملة : هذا باب علم ما الكلم من العربية ، فالكلم : اسم ، وفعل ، وحرف ، جاء لمعنى ليس باسم ولا فعل ، فالاسم : رجل وفرس. فهذا بيان جليّ من «سيبويه» ، ومن كل من تكلم في النحو قبله وبعده ، على أن الأسماء هي بعض الكلام ، وأن الاسم هو كلمة من الكلم ، ولا خلاف بين أحد له حس سليم في أن المسمّى ليس كلمة ، ثم قال بعد أسطر يسيرة : والرفع والجر والنصب والجزم بحروف الإعراب ، وحروف الإعراب الأسماء المتمكنة ، والأفعال المضارعة ، وأسماء الفاعلين. وهذا منه بيان لا إشكال فيه أن الأسماء غير الفاعلين وهي التي تضارعها الأفعال التي في أوائلها الزوائد الأربع ، وما قال قط من يرمي بالحجارة : إن الأفعال تضارع المسلمين. ثم قال : والنصب في الأسماء : رأيت زيدا ، والجر : مررت
__________________
(ص ٨) والإنصاف (ص ١٦) وشرح شافية ابن الحاجب (٢ / ٢٥٨) وشرح شواهد الشافية (ص ١٧٦) وشرح المفصل (١ / ٢٤) ولسان العرب (١٤ / ٤٠١ ، ٤٠٢ ـ مادة سما) والمقتضب (١ / ٢٢٩) والمنصف (١ / ٦٠) ونوادر أبي زيد (ص ١٦٦).
(١) البيت في لسان العرب (٧ / ٤٥ ـ مادة غيظ) و (٧ / ٤٥٤ ـ مادة فيظ) و (١٣ / ١٢٤ ـ مادة حضن) وتاج العروس (٢٠ / ٢٥٠ ـ مادة غيظ) ومقاييس اللغة (٤ / ٤٠٥).