البشرى في الحياة الدنيا بمعنى من هذه المعاني ، أو بكلّها (وَ) لهم البشرى (فِي الْآخِرَةِ) حيث تبشرهم الملائكة بالجنّة عند خروجهم من القبور كما هو مرويّ عن الباقر عليهالسلام. وقد روى عقبة بن خالد عن الصادق عليهالسلام أنه قال له : يا عقبة ، لا يقبل الله من العباد يوم القيامة إلّا هذا الدّين الّذي أنتم عليه ، وما بين أحدكم وبين أن يرى ما تقرّ به عينه إلّا أن يبلغ نفسه إلى هذه ، وأومأ بيده إلى الوريد ... وقرأ هذه الآية (لا تَبْدِيلَ لِكَلِماتِ اللهِ) أي لا خلف ولا تغيير لما وعد سبحانه من الثواب ، فكلماته حقّ ولا خلف في الحق (ذلِكَ) أي الذي سبق ذكره من البشارة في الحياة وبعد الممات (هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) هو النجاح والنجاة العظيمة.
٦٥ ـ (وَلا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ ...) أي لا ينبغي أن يجلب قولهم لك الحزن والغم لأنه مؤذ. وهذا النهي يراد به تسلية النبيّ صلىاللهعليهوآله ، فقد أمره الله عزّ اسمه بأن لا يهتمّ لأذاهم ، وأن لا يعبأ بما يظهر من عنادهم وكلامهم المزعج (إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً) والله الذي استأثر لنفسه بالعزة كلّها هو يجعلك منهم في منعة ولا ينالونك بسوء ، وهو يردّ كيدهم ويحبط مكرهم وسينصرك ويذلّهم لأنه عزيز قادر على ذلك ، و (هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) يسمع قولهم المؤذي ، ويعلم ما في نفوسهم وسيدفع ذلك كلّه عنك.
* * *
(أَلا إِنَّ لِلَّهِ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَما يَتَّبِعُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ شُرَكاءَ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ (٦٦) هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهارَ مُبْصِراً إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ (٦٧))