كأنه قال : تدعونه قائلين : لئن أنجانا .. إلخ ... أي : والله إن نجونا لنشكرنّ الله ، يعني نثني على كرمه ونعمه.
٦٤ ـ (قُلِ اللهُ يُنَجِّيكُمْ مِنْها وَمِنْ كُلِّ كَرْبٍ ...) قل يا محمد للناس : إن الله تعالى هو الذي ينجي الناس من الشدائد التي تحيق بهم في البرّ والبحر ، ومن كل كرب : أي حزن ومشقة يلازمها الغيظ والانقباض في النفس وضيق الصدر. فهو وحده اللطيف بعباده (ثُمَّ أَنْتُمْ تُشْرِكُونَ) أي تجعلون له شريكا في خلقكم ورزقكم وتخليصكم من الشدائد بعد ظهور الحجة عليكم؟
٦٥ ـ (قُلْ هُوَ الْقادِرُ عَلى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذاباً ...). أخبر هؤلاء يا محمد أن الله قادر على إنزال العذاب عليكم (مِنْ فَوْقِكُمْ) كما فعل بأصحاب الفيل حين أمطرهم بحجارة من سجّيل ، وكالطوفان الّذي أغرق قوم نوح (أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ) كما أهلك فرعون وقومه وكما خسف بقارون وبقوم لوط ، أي بالزلازل (أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً) أي يجعلكم فرقا مختلفة فيما بينها تلتبس أهواؤها بعضها ببعض وتضطرب آراؤها وتتباعد مذاهبها وتكثر خصوماتها وجدلها فتتفرّق ولا يألف أحد أحدا فيسيطر الاختلاف (وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ) وذلك بأن يحصل النزاع والقتال فيقتل بعضكم بعضا ويهيمن سوء الجوار عليكم (انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآياتِ) أي تأمّل كيف نبيّن الدلائل الحاوية للوعد والوعيد (لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ) طمعا بأن يتفكّروا ويعقلوا ويرعووا. والفقه هو فهم الشيء بدليله.
وفي المجمع عن الإمام الصادق عليهالسلام : من فوقكم : من السلاطين الظّلمة ، ومن تحت أرجلكم : من عبيد السوء وممّن لا خير فيه ، ويلبسكم شيعا : يضرب بعضكم ببعض بما يلقيه بينكم من العداوة والعصبية ، ويذيق بعضكم بأس بعض : هو سوء الجوار. وقد قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : إذا وقع السيف في أمّتي لم يرفع عنها إلى يوم