مفردها : المخلّف ، وهو المتروك. ويعني بهم سبحانه الذين تركهم رسول الله صلىاللهعليهوآله يوم خروجه إلى تبوك إذ استأذنوه في التخلّف فأخرّهم ولم يخرجهم معه لأنهم جماعة من المنافقين ، ففرح هؤلاء بقعودهم عن نصرته ومعاونته في الجهاد. و (خِلافَ رَسُولِ اللهِ) (ص) أي بعده ، يعني بقعودهم في المدينة بعد خروجه منها. و (خِلافَ) نصب على الظّرف ، وقيل هو منصوب على المصدر إذا جعل معناه المخالفة ، والأول أصح. فقد سرّ هؤلاء بتخلّفهم (وَكَرِهُوا أَنْ يُجاهِدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ) ويبذلوها (فِي سَبِيلِ اللهِ وَقالُوا) للمسلمين صدّا لهم عن الغزو معه (ص) : (لا تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ) أي لا تخرجوا مع الجيش في هذه الأيام الحارة واركنوا إلى الراحة والدعة وخفّفوا عن أنفسكم المشاقّ ف (قُلْ) يا محمد لهؤلاء المنافقين المانعين عن طاعة الله عزوجل : (نارُ جَهَنَّمَ) التي وجبت لهم بقعودهم عن الجهاد الذي أمر الله تعالى به ، هي (أَشَدُّ حَرًّا) من الحرّ الذي يتعلّلون به ، وهي أولى بأن يتّقوها ويحترزوا منها ويحذروها (لَوْ كانُوا يَفْقَهُونَ) أي : لو كانوا يفقهون أوامر الله ونواهيه ويدركون معنى وعده ووعيده.
٨٢ ـ (فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلاً وَلْيَبْكُوا كَثِيراً ...) هو أمر يحمل التهديد والوعيد ، أي فليستهزءوا وليضحكوا قليلا في حياتهم الدنيا ، وليبكوا كثيرا في الآخرة لأن اليوم فيها مقداره خمسون ألف سنة ، فذلك (جَزاءً) لهم (بِما كانُوا يَكْسِبُونَ) أي بما احتطبوا من الذنوب والمعاصي والكفر والتخلّف عن الجهاد بغير عذر. وقد قال ابن عباس : إن أهل الكفر ليبكون في النار عمر الدنيا فلا يرقأ لهم دمع ولا يكتحلون بنوم. وقال رسول الله (ص) فيما رواه أنس عنه : لو تعلمون ما اعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا.
* * *
(فَإِنْ رَجَعَكَ اللهُ إِلى طائِفَةٍ مِنْهُمْ