السلام : وأنذر بالقرآن الذين يرجون الوصول إلى ربّهم ، أي رحمة ربّهم ومغفرته ورضوانه ، ترغّبهم فيما عنده فإن القرآن شافع مشفّع ... وقيل إن الضمير راجع إلى : ما يوحى إليك ـ في الآية السابقة ، ويحتمل قبول ذلك ويكون المراد بما يوحى : القرآن وعموم الوحي. فأنذر المؤمنين بذلك وحذّرهم به إذ (لَيْسَ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ وَلِيٌّ وَلا شَفِيعٌ) فقد حصر الولاية به سبحانه ثم الشفاعة التي أوردها بصيغة المبالغة ليهتمّ الناس بها ، وإن كان النبيّ صلىاللهعليهوآله وأهل بيته يشفعون من بعد إذنه سبحانه. فذكّرهم بهذا يا محمد (لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ) أي من أجل أن يخافوا العاقبة ويتوبوا إلى ربّهم ليفوزوا برضاه.
٥٢ ـ (وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَالْعَشِيِّ ...) لا تطرد : أي لا تبعد عن مجلسك ولا تنحّ عن حضرتك المؤمنين الّذين يطلبون رضى الله بالغداة : عند الصباح ، والعشيّ : عند المساء ، أي يعبدونه على الدوّام بلا استثناء وقت من أوقات العبادة ، فلا تبعد من يفعل ذلك من الناس لأنهم بفعلهم هذا (يُرِيدُونَ وَجْهَهُ) أي يبتغون رضاه مخلصين له. والجملة حالية من الفعل : يدعون (ما عَلَيْكَ مِنْ حِسابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ) أي لست مسئولا عن محاسبتهم وليس لك إلّا اعتبار ظاهرهم (وَما مِنْ حِسابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ) وليسوا مسئولين عن محاسبتك على ما تفعل ولا أحد يؤاخذ بحساب أحد (فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ) فإنك تظلمهم بطردهم من حولك ، وهذا جواب النهي ـ والفعل منصوب بفاء السببية ـ وقيل إن هذه الآية الكريمة نزلت في فقراء المسلمين من أهل الصّفة ، وكان المشركون قد طعنوا فيهم وطلبوا من رسول الله صلىاللهعليهوآله أن يطردهم من حوله ليتسنّى للمشركين الجلوس إليه ، فأبى عليهم ذلك. قالوا له : فنحّهم عنّا إذا جئناك ، قال : نعم ، فنزلت هذه الشريفة.
* * *
(وَكَذلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِيَقُولُوا أَهؤُلاءِ مَنَّ اللهُ