وادي حنين ، فخرجت عليهم الكتائب من كل صوب ، فانهزم جماعة المسلمين من حول رسول الله (ص) متفرقين بين الشعاب رغم إعجابهم بكثرتهم ، ولم يبق إلّا أمير المؤمنين (ع) ومعه الراية يقاتل هو والعباس ونفر قليل ، فقال رسول الله (ص) للعباس : اصعد هذا الظرب ـ التّل ـ فناد : يا معشر المهاجرين والأنصار ، يا أصحاب سورة البقرة ، يا أهل بيعة الشجرة إلى أين تفرّون؟ هذا رسول الله. فلمّا سمع المسلمون صوت العباس تراجعوا وقالوا : لبّيك لبّيك ، وقاتل الأنصار المشركين قتالا قال عنه رسول الله (ص) : الآن حمي الوطيس ، أنا النبيّ لا كذب ، أنا ابن عبد المطلب ، ثم نزل النصر من عند الله سبحانه وتعالى وانهزمت هوازن شرّ هزيمة بعد أن قتل منهم قرابة مائة رجل ، وتعقّبهم المسلمون في كل طريق ، وغنموا أموالهم ونساءهم وذراريهم ، ثم لحق (ص) بهم ، وهو ومن معه إلى الطائف فحاصروها بقية الشهر ثم عادوا فقسم الغنائم بين المسلمين.
وفي المجمع أن أحد المشركين حدّث عن هذه الوقعة فقال : لمّا التقينا لم يثبت لنا المسلمون حلب شاة فلمّا كشفناهم انتهينا إلى صاحب البغلة الشهباء ـ يعني رسول الله (ص) ـ فتلقّانا رجال بيض الوجوه ، فقالوا لنا : شاهت الوجوه ، ارجعوا. فرجعنا وركبوا أكتافنا .. أما السبي من هوازن فكان ستة آلاف من الذراري والنساء ، ومن الإبل والشاء ما لا يعلم عدده إلّا الله. ثم أمر (ص) أن ينادي : لا توطأ الحبالى حتى يضعن ، ولا غير الحبالى حتى يستبرئن بحيضة. ثم دعا (ص) للأنصار ولأبناء الأنصار.
وجاءت بعدها وفود هوازن مسلمة مسترحمة ، فردّ عليهم ما في يده وأيدي بني هاشم وخيّر المسلمين في الردّ أو قبول الفداء ففعلوا هذا وذاك ، ثم بعث إلى مالك بن عوف أن إذا أسلمت ودنوت علينا ، أرجعنا لك أهلك ومالك ومائة من الإبل ، فوفد مسلما فأعطاه ذلك واستعمله على من أسلم من قومه.
* * *