إنكاري معناه : لا تجعلوا أهل ساقية الحاج وأهل عمارة المساجد في الفضل والمرتبة عند الله (كَمَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ) أي صدّق. إنها لا تكون مقابلة هذا الفعل بذاك ، ولا تقابل سقاية الحاج الماء أو نبيذ الزبيب ، ولا سدانة الحرم الإيمان ، بالله وبيوم الحساب. فكيف إذا آمن (وَجاهَدَ فِي سَبِيلِ اللهِ) أي ضمّ إلى إيمانه مقاتلة الكفار لإعلاء كلمة الحق؟ لا ، فإنهم (لا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللهِ) أي لا يتساوون في الثواب والفضل (وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) إلى طريق الحق ، كما يهدي العارف به المطيع له.
وفي المجمع أن الإمام الباقر عليهالسلام وغيره كثيرون قرءوا : أجعلتم سقاة الحاجّ وعمرة المسجد الحرام. والسّقاة : جمع ساق ، والعمرة : جمع عامر. والسقاية : مصدر كالسّقي ، والعمارة كذلك.
٢٠ ـ (الَّذِينَ آمَنُوا وَهاجَرُوا وَجاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللهِ ...) أي الذين صدّقوا بوحدانية الله تعالى وهاجروا من أوطانهم التي هي ديار كفر ، وجاهدوا الكفار في طريق مرضاة الله وإعلاء الحق ، بل جاهدوا (بِأَمْوالِهِمْ) أي بإنفاقها (وَأَنْفُسِهِمْ) يعني ببذلها للشهادة في سبيله ، وتحمّلوا المشاق من جرّاء ذلك كله ، هم (أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللهِ) ممّن سواهم من المؤمنين الّذين لم يفعلوا ذلك كلّه (وَأُولئِكَ هُمُ الْفائِزُونَ) الظافرون بما يريدون من ثواب الله ورضوانه.
٢١ ـ (يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَرِضْوانٍ ...) هؤلاء المذكورون في الآية السابقة يزفّ إليهم الله البشرى بما يظهر سرورهم من رحمته : أي عطفه ورأفته ، ورضوانه. أي جزيل رضاه المضادّ لسخطه ، (وَ) يبشّرهم أيضا ب (جَنَّاتٍ لَهُمْ فِيها نَعِيمٌ مُقِيمٌ) والنعيم مشتقّ من النعمة ورغد العيش ، ونعيم هؤلاء دائم لا ينقضي ولا يزول.
٢٢ ـ (خالِدِينَ فِيها أَبَداً إِنَّ اللهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ :) أي باقين فيها إلى الأبد مع النعيم الدائم لأن أجر العمل وثوابه من عند الله كثير ، وصفه بالعظم لأنه لا يمكن تقديره إذ لا تبلغه نعمة غيره.