لا يُكَذِّبُونَكَ وَلكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآياتِ اللهِ يَجْحَدُونَ (٣٣) وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلى ما كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتاهُمْ نَصْرُنا وَلا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِ اللهِ وَلَقَدْ جاءَكَ مِنْ نَبَإِ الْمُرْسَلِينَ (٣٤) وَإِنْ كانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْراضُهُمْ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقاً فِي الْأَرْضِ أَوْ سُلَّماً فِي السَّماءِ فَتَأْتِيَهُمْ بِآيَةٍ وَلَوْ شاءَ اللهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدى فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْجاهِلِينَ (٣٥))
٣٢ ـ (وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلَّا لَعِبٌ وَلَهْوٌ ...) اعتبرها جلّ وعلا هكذا لمن اتخذها لعبا ولهوا وكانت أكثر أعماله شراّ وأكثر عمره في المعاصي وفيما لا نفع فيه ولا فائدة. وهي على خلاف ذلك لمن لاحظ عقبى الدار إذ قال تعالى : (وَلَلدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ) أي أنها خير محض لمن يتجنّبون معاصي الله. ووجه كونها خيرا هو في كثرة لذاتها ودوام بقائها واستمرار نعيمها (أَفَلا تَعْقِلُونَ؟) ألا يفكّرون بذلك ويفهمونه ويستوعبونه فيؤمنون بما وعد الله عباده الصالحين؟
٣٣ ـ (قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ ...) الضمير في قوله تعالى : إنه ، هو للشأن. أي أنه سبحانه يعرف أنّ من حال الإنسان وطبع البشر أن ينسب إليهم الكذب والتكذيب. فلا يحزنك ولا يهمك قولهم ساحر كذاب أو ما أشبهه. فإننا نسلّيك عن بهتانهم وكذبهم (فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ) بل يرجع تكذيبهم إلى أنفسهم لأن ما يسندونه إليك هو خلاف الواقع ونفس الأمر ، فلا شيء عليك وأنت منزّه ومبرّأ منه (وَلكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآياتِ اللهِ يَجْحَدُونَ) والباء في لفظ : بآيات ، هي لتضمّن الجحود معنى التكذيب. وعن أكثر المفسرين : إنهم لا يكذّبونك بقلوبهم اعتقادا بكذبك ، بل يكفرون بآيات الله عزّ وعلا. ويشهد لهذا ما روي عن أن النبي صلىاللهعليهوآله لقي أبا جهل فصافحه : فقيل لأبي جهل في