الَّذِي ..) إلخ .. وفي المجمع أن هذا الرجل هو أبو عامر بن النعمان بن صيفي الراهب الذي سمّاه النبيّ (ص) الفاسق لأنه ترهّب في الجاهلية ولبس المسوح ولما قدم إلى المدينة قال للنبيّ (ص) : ما هذا الذي جئت به؟ قال (ص) : جئت بالحنيفية دين إبراهيم (ع) قال : فأنا عليها. فقال (ص) : لست عليها ، ولكنك أدخلت فيها ما ليس منها. فقال الراهب : أمات الله الكاذب منّا طريدا وحيدا ، ثم خرج إلى أهل الشام فاستنفرهم لقتال النبيّ (ص) وجمع جندا كبيرا فمات بالشام طريدا وحيدا وهو يحاول ذلك. وعن الإمام الباقر عليهالسلام : الأصل في ذلك بلعم ، ضربه الله مثلا لكل مؤثر هواه على هدى الله من أهل القبلة.
١٧٦ ـ (وَلَوْ شِئْنا لَرَفَعْناهُ بِها ...) أي بتلك الحجج والآيات التي أعطيناه إياها ، يعني : لو أردنا لرفعنا منزلته في الإيمان والمعرفة ، ولكن خلّينا بينه وبين هوى نفسه الكافرة بعد أن اختار الكفر. ومعنى قوله : ولو شئنا لحلنا بينه وبين ما اختاره من المعصية ، يدلّ على كمال قدرته سبحانه وتعالى (وَلكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ) أي ركن إلى الدنيا واطمأنّ لها ومال إليها (وَاتَّبَعَ هَواهُ) انقاد له مؤثرا دنياه على آخرته فقال عنه عزّ من قائل : (فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ ، أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ) أي أن صفته كصفة الكلب الذي يخرج لسانه ويلهث إن طردته وإن تركته. وهذا الرجل ضالّ إن أرشدته إلى الحق ووعظته أم لم تعظه ، فهو متبع لهواه في كل حال (ذلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا) يعني أن هذه هي صفة المكذّبين ببراهيننا وحججنا ، كأهل مكة الذين كانوا يتمنّون مرشدا هاديا ، فلما جاءهم الرسول (ص) شكّوا في صدقه وكذّبوه وبقوا على كفرهم وعنادهم (فَاقْصُصِ الْقَصَصَ) أي فاحك لهم أخبار الماضين (لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) فعسى أن يتدبّروا حالهم ويعتبروا ولا يفعلوا ما يفعلونه من النفاق والتكذيب.
١٧٧ ـ (ساءَ مَثَلاً الْقَوْمُ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا ...) أي بئس مثلا ، مثل الفئة التي تكذّب بآياتنا ، وقبح حالهم لأنهم يرون الآيات وينكرونها