أعين الناس ،
خصوصا وقد رأوا عشرات وعشرات الحبال والعصيّ كأنها حيّات تسعى وتتلوّى تحت أشعة
الشمس.
١١٧ ـ (وَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى أَنْ أَلْقِ
عَصاكَ ...) أي ألهمنا موسى بما يشبه الوحي وإلقاء شيء لم يشعر به غيره
، وهو : أن ألق عصاك : أي اطرحها في الأرض وارمها من يدك (فَإِذا هِيَ تَلْقَفُ ما يَأْفِكُونَ) يعني أنه ألقاها
من يده بعد أن ألهمه الله تعالى ذلك ، فصارت ثعبانا عظيما يبتلع ما كذبوا به على
الناس وصوّروه حيّات تسعى. أما عبارة : أن ألق ، فمصدرية والتقدير : وأوحينا إلى
موسى الإلقاء. و : ما ، في : ما يأفكون ، بمعنى الذي : أي تلقف المأفوك ، وهي في
محل نصب للفعل : تلقف ، ومعنى الإفك قلب الشيء عن وجهه في الأصل ، ومنه الكذب لأنه
قلب الكلام عن جهة الصواب. وأما لقف فمعناها : لقم وابتلع.
١١٨ ـ (فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ ما كانُوا
يَعْمَلُونَ ...) وقع : أي ظهر الحق : وهو أمر موسى (ع) وصحة نبوّته وصدق
معجزته وصارت عصاه حية فعلا وابتلعت عصيّهم وحبالهم ، وبطل : صار باطلا لاغيا كلّ
ما عملوه من تمويه وسحر ، فرأوا أن الأمر سماويّ لا يقدر عليه إلّا الله سبحانه
فقد اختفت حيلتهم واختفت حبالهم وعصيّهم مع كثرتها الهائلة واحتوتها عصا موسى (ع)
في بطنها وما زالت تبدو عصا عادية من غير زيادة في حجمها ، ففهم كلّ عاقل من
الحاضرين أن الأمر فوق مقدور البشر ، فاعترفوا بالتوحيد وآمنوا بنبوّة موسى عليهالسلام فصار إيمانهم حجة على فرعون وقومه.
١١٩ ـ (فَغُلِبُوا هُنالِكَ وَانْقَلَبُوا
صاغِرِينَ ...) أي وقعت عليهم الغلبة والقهر ، وخذل فرعون وقومه ،
وانقلبوا : انصرفوا من هذه المنافسة أذلة خاسئين قد حلّ بهم الصّغار والاحتقار :
١٢٠ ـ (وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ ساجِدِينَ ...) أي أن السحرة لمّا رأوا الحق وأيقنوا بصدق معجزة موسى (ع)
سجدوا لله سبحانه سجودا كأنّهم ألقوا إليه