أكبر عند سائر العالمين؟ ف (قُلِ اللهُ) أكبر شاهد ، وهو (شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ) فهل تتصوّرون أكبر من هذا الشاهد بصدق رسالتي؟. وقوله تعالى : قل الله مع تاليه المقدّر الذي أشرنا إليه جواب. ويمكن أن تكون لفظة : شهيد ، مستأنفة بتقدير كلمة : هو ، التي أوردناها والله أعلم.
وفي القمي عن الإمام الباقر عليهالسلام أن مشركي أهل مكة قالوا يا محمد ما وجد الله رسولا يرسله غيرك؟ ما نرى أحدا يصدّقك بالّذي تقول. وذلك في أول ما دعاهم وهو يومئذ بمكة. قالوا : ولقد سألنا اليهود والنصارى عنك فزعموا أنه ليس لك ذكر عندهم ، فأتنا بأمر يشهد أنك رسول الله. قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : الله شهيد بيني وبينكم ... (وَأُوحِيَ إِلَيَّ هذَا الْقُرْآنُ) نزل بطريقة الوحي (لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ) والخطاب هنا لأهل مكة ونواحيها من جزيرة العرب ولسائر من بلغه ذلك من غيرهم ولمن علم به من الناس إلى يوم الوقت المعلوم. فالقرآن الكريم إنذار لكلّ من سمع به يخوّفه عاقبة الكفر والإصرار على العناد (أَإِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللهِ آلِهَةً أُخْرى) والهمزة الأولى للاستفهام الإنكاريّ الاستبعادي ، لأنهم يشركون مع الله غيره (قُلْ) يا محمد : (لا أَشْهَدُ) بما تشهدون به ولا أقول ما تقولونه (قُلْ : إِنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ) أحد لا إله معه ولا شريك (وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ) أتبرّأ من أصنامكم التي تعبدونها من دون الله ومن جميع أوثانكم.
٢٠ ـ (الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْرِفُونَهُ كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمُ ...) وهم اليهود الذين يعرفون توراتهم مثلما يعرفون أولادهم ، ويعرفون ذكر محمد صلىاللهعليهوآله في التوراة ، والنصارى الذين يعرفون إنجيلهم حق المعرفة وكمعرفتهم لأولادهم ، ويعرفون ذكر محمد صلىاللهعليهوآله والبشارة به فيه. فكيف ينكر علماء اليهود وأحبار النصارى ذكره في كتبهم مع علمهم الأكيد به وبأوصافه المميّزة المدرجة في التوراة والإنجيل؟ (الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ) من هؤلاء المنكرين الجاحدين لما ورد في كتبهم ، ومن مشركي العرب أيضا (فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) وهذا إخبار بالغيب