ألطافه بنا إلى جانب حفظنا ورزقنا وهدايتنا ، إلى سبل الخير ، فكيف نترك ولايته (وَهُوَ يُطْعِمُ وَلا يُطْعَمُ) أي يرزق ولا يرزق. وقد اختص الطعام بالذكر لغاية الحاجة إليه ، وعنى مطلق ما يحتاج إليه البشر (قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ) أي أمرني ربّي بذلك. ومن هذه الشريفة نفهم أن النبيّ صلىاللهعليهوآله كان أول من أسلم لله عزوجل ، بل القاعدة العقلائية تحكم بأنّ من أمر بشيء عامّ من عند مولى واجب الإطاعة لا بد وأن يكون هو أول المأمورين به وأول المصدّقين ، وإلّا فإن أمره لا يؤثّر في الناس بل يكون عدم تصديقه وائتماره به حجة عليه فكن كذلك يا محمد (وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) وقل لمن يؤمن بك وبرسالتك لا تكوننّ من المشركين. والجملة معطوفة على ما قبلها.
١٥ ـ (قُلْ إِنِّي أَخافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ) : وهذا القول من النّبي صلىاللهعليهوآله تعريض بالكفّار وتوبيخ لهم على معصيتهم ، لأن الرسول الأعظم يخاف معصية ربّه فكيف بهم؟ فيلزم أن يحذروا عصيانه بوجه أولى. وفي العياشي عن الإمام الصادق عليهالسلام : ما ترك رسول الله صلىاللهعليهوآله قول : إني أخاف إن عصيت ربّي عذاب يوم عظيم ، حتى نزلت سورة الفتح فلم يعد إلى ذلك الكلام.
١٦ ـ (مَنْ يُصْرَفْ عَنْهُ ...) أي من ما لا يناله العذاب وينحرف عنه وينجيه الله تعالى منه (يَوْمَئِذٍ) في يوم القيامة (فَقَدْ رَحِمَهُ) أي أشفق عليه الله سبحانه وتفضّل عليه بالعفو والمغفرة. وفي المجمع عن النبّي صلىاللهعليهوآله : والّذي نفسي بيده ما من الناس أحد يدخل الجنة بعمله. قالوا : ولا أنت يا رسول الله؟. قال : ولا أنا إلّا أن يتغمّدني الله برحمة منه وفضل (وَذلِكَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ) أي شمول الرحمة والفضل للعباد هو الفوز والنصر والربح يوم القيامة.
١٧ ـ (وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللهُ بِضُرٍّ ...) يمسسك : أي يصيبك ، والضرّ هو الضرر النفسي من مرض وهزال كالذي أصاب بعض أولياء الله ممّن