فقال (ص) : ما بال قوم يزعمون أن قرابتي لا تنفع؟ لو قد قمت المقام المحمود لشفعت في خارجكم. لا يسألني اليوم أحد من أبوه إلّا أخبرته. فقام إليه رجل فقال : من أبي يا رسول الله؟ فقال : أبوك غير الذي تدعى إليه. أبوك فلان بن فلان. فقام آخر فقال : من أبي يا رسول الله؟ فقال : أبوك الذي تدعى إليه. ثم قال رسول الله (ص) : ما بال الذي يقول قرابتي لا تنفع لا يسألني عن أبيه؟ فقام إليه عمر فقال له : أعوذ بالله يا رسول الله من غضب الله وغضب رسول الله. أعف عني عفا الله عنك. فأنزل الله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ ..) إلى قوله تعالى : (وَاللهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ) أي : كثير المسامحة وترك العقوبة. يحلم عند الغضب ويرحم الخاطئين.
١٠٢ ـ (قَدْ سَأَلَها قَوْمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ ..) أي سألوا عن تلك الأشياء التي لا يجوز إظهارها لأنها تسيء للسامعين والسائلين ، فهي من مخزون علم الله جلّ وعلا ، والضمير في : سألها ، عائد للأشياء المسكوت عنها من لدن الله والعالمين بها (ثُمَ) إن الذين سألوها (أَصْبَحُوا) أي صاروا (بِها كافِرِينَ) منكرين لها إذ لم يكن لهم صلاح في تفصيلها وبيانها ، وقد أوقعتم معرفتها في مشاكل لم يتحمّلوها ، كمثل الذين سألوا موسى عليهالسلام قائلين : أرنا الله جهرة ، فأخذتهم الصاعقة وحلّ بهم العذاب بظلمهم. ومثل الذين سألوا النبيّ (ص) ـ كما ذكرنا ـ فكان جوابه لهم مرة بلا ومرة بنعم فلم يتحمّلوا كلامه (ص) .. لهذا ، نهى سبحانه عن المسائل التي لم يبينها للناس لأنها ليست محلّ ابتلائهم ولا افترض معرفتها عليهم ، ولا كلّفهم بحصحصتها.
(ما جَعَلَ اللهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلا سائِبَةٍ وَلا وَصِيلَةٍ وَلا حامٍ وَلكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ وَأَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ (١٠٣)