١٠١ ـ (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ ..) الأصل في لفظة : أشياء ، عند الخليل وسيبويه ، شيئاء ، أي على وزن فعلاء من مادة شيء. وهمزتها الثانية للتأنيث ، وهي مفردة في اللفظ ومعناها الجمع ، مثل : قصباء ، وطرفاء ، ولأجل همزة التأنيث منعت من الصرف. ثم إن الهمزة الأولى التي هي لام الفعل ، قدّمت فجعلت قبل الشين ـ أشياء ـ كراهة وجود جمع الهمزتين اللّتين بينما ألف ، فصارت : أشياء. وهي اسم جمع انقلب وزنه إلى لفعاء بدل فعلاء .. فيا أيها المؤمنون لا تسألوا الرسول عن أشياء مسكوت عنها ، وهي (إِنْ تُبْدَ لَكُمْ) أي إذا بينها لكم وأوضحها (تَسُؤْكُمْ) يعني تغمّكم ولا ينفعكم إظهارها لكم. والجملة الشرطية صفة لأشياء (وَإِنْ تَسْئَلُوا عَنْها حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ) كناية عن عصر الرسول (ص) وأثناء حياته الكريمة الشريفة المباركة. فلو سألتم عنها حينئذ (تُبْدَ لَكُمْ) أي تظهر ، مع أنها تسوؤكم على كل حال (عَفَا اللهُ عَنْها) أي تجاوز عمّا سلف فلا تعودوا إليه. ففي المجمع عن أمير المؤمنين عليهالسلام ، قال : خطب رسول الله صلىاللهعليهوآله ، فقال : إن الله كتب عليكم الحج ، فقال عكاشة بن محصن : يا رسول الله في كل عام؟ فأعرض عنه حتى عاد مرّتين أو ثلاثا فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : ويحك ، ما يؤمّنك أن أقول : نعم؟ فو الله لو قلت نعم لوجب ، ولو وجب ما استطعتم ، ولو تركتم كفرتم. فاتركوني ما تركتكم ، فإنما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم. إذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم ، وإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه.
وقيل في شأن نزول هذه الآية المباركة ـ كما في القمي عن الباقر عليهالسلام ـ أن صفية بنت عبد المطلب مات ابن لها ، فأقبلت فقال لها عمر : قطي قرطك فإن قرابتك من رسول الله لا تنفعك شيئا. فقالت له : هل رأيت قرطا يا عمر؟ .. ثم دخلت على رسول الله (ص) فأخبرته بذلك وبكت. فخرج رسول الله (ص) فنادى : الصلاة جامعة. فاجتمع الناس.